قوله (وذهبت بفضائلها) لعل المراد بفضائلها العدل في الحكم والرشد في الحق والتدبير في الأمر وغير ذلك من القوانين العدلية والنواميس الإلهية.
قوله (لم تفلل حجتك) منشأ فل الحجة وانقطاعها وزيغ القلب وميله إلى الباطل وضعف البصيرة عن الحق وعدم اهتدائه إليه وجبن النفس في إجراء الحدود والمعارك قلة العلم وضعف اليقين وعدم ملكة الشجاعة وقد كانت هذه الأمور أعني العلم واليقين والشجاعة فيه (عليه السلام) على أكمل المراتب وأعلاها وفي أرفع الدرجات وأسناها.
قوله (ولم تخر) الخر والخرور السقوط مطلقا أو من علو إلى سفل وفعله من باب نصر وضرب وفي بعض النسخ «ولم تخن» من الخيانة ووجه ذلك ظاهر لأن السقوط من الحق إلى الباطل دأب الغافلين والخيانة في الدين شأن الجاهلين وقد كان (عليه السلام) أعرف العارفين وأشرف العالمين وسيد الراشدين، وقوله «كنت كالجبل لا تحركه العواصف» أي الرياح الشديدة مثل يضرب لمن ثبت في أمره لضياء عقله وكمال علمه وقوة حلمه بحيث لا تحركه الآراء ولا تزعجه الأهواء.
قوله (كنت كما قال (عليه السلام) - الخ) للناس في صحبة الغير مفاسد منشاؤها انحرافه عن الدين وضعفه في اليقين ولما كان (عليه السلام) أمينا في الدين وقويا في اليقين كان الناس آمنين في صحبته راشدين في خلته واثقين بعدله في تقسيم ما في يده من بيت المال وغيره.
قوله (لم يكن لأحد فيك مهمز) المهمز الغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم والمهمز موضعه وهو ما يهمز به والغمز العصر والكبس باليد والإشارة بها وبالعين والحاجب.
والطمع قد يتعلق بالحق والباطل والمراد به هنا هو الثاني وعدم تحقق هذه الأمور فيه ظاهر لأنه (عليه السلام) كان منزها عن جميع المعائب والنقائص.
قوله (ولا لأحد عندك هوادة) أي سكون في الباطل وميل إلى الجور ورخصة في الظلم والهوادة السكون والميل والرخصة.
قوله (وأمرك حلم وحزم) الحلم الأناة والتثبت في الأمور والحزم ضبط الرجل أمره والحذر من فواته من قولهم حزمت الشيء أي شددته وهما من شعار العقلاء ودثار العلماء الذين يرون آخر الأمر في أوله وأوله في آخره.
قوله (ورأيك علم وعزم فيما فعلت) لعل المراد بالرأي هنا ما ارتآه الإنسان واعتقد أي فكر فيه وتأنى ثم اعتقده، والعزم على الشيء تأكد إرادته والجد فيه أي رأيك فيما فعلت واعتقادك فيه علم لا ظن وتخمين وعزم عليه لاشتماله على مصالح جمة لا تردد فيه لأن الظن والتردد من صفات العاجز الذي لا دراية له بحقائق الأشياء ومنافعها وحسن عواقبها.