شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٢٠١
فشلوا ونطقت حين تتعتعوا ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فاتبعوك فهدوا، وكنت أخفضهم صوتا وأعلاهم قنوتا وأقلهم كلاما وأصوبهم نطقا وأكبرهم رأيا وأشجعهم قلبا وأشدهم يقينا وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالامور.
كنت والله يعسوبا للدين أولا وآخرا الأول حين تفرق الناس والآخر حين فشلوا، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا وحفظت ما أضاعوا ورعيت ما أهملوا وشمرت إذ اجتمعوا وعلوت إذ هلعوا وصبرت إذ أسرعوا وأدركت أوتار ما طلبوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا، كنت على الكافرين عذابا صبا ونهبا وللمؤمنين عمدا وحصنا، فطرت والله بنعمائها وفزت بحبائها وأحرزت سوابقها وذهبت بفضائلها، لم تفلل حجتك ولم يزغ قلبك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك ولم تخر، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، وكنت كما قال: أمن الناس في صحبتك، وذات يدك، وكنت كما قال: ضعيفا في بدنك، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك عظيما عند الله، كبيرا في الأرض، جليلا عند المؤمنين.
لم يكن لأحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز [ولا لأحد فيك مطمع] ولا لأحد عندك هوادة الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم ورأيك علم وعزم فيما فعلت، وقد نهج السبيل وسهل العسير واطفئت النيران واعتدل بك الدين وقوي بك الإسلام، فظهر أمر الله ولو كره الكافرين وثبت بك الإسلام والمؤمنون وسبقت سبقا بعيدا وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء وعظمت رزيتك في السماء وهدت مصيبتك الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا، كنت للمؤمنين كهفا وحصنا وقنة راسيا وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه ولا أحرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك. وسكت القوم حتى انقضى كلامه وبكى وبكى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم طلبوه فلم يصادفوه.
* الشرح:
قوله (ارتج الموضع بالبكاء) الارتجاج الاضطراب والحركة.
قوله (وجاء رجل) يفهم من كلام الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام النعمة أن ذلك الرجل هو الخضر (عليه السلام). «مسترجع» سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلا يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون فقال: إن قولنا إنا لله، إقرار على أنفسنا بالملك. وإنا إليه راجعون، إقرار على أنفسنا بالهلك.
أقول: فيه اعتراف بأنه مبدء كل شيء ومرجعه وهو احرى كلمة يقال في مقام التسليم والرضا
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417