قوله (واعتدل بك الدين) تقديم الظرف على الفاعل لقصد الحصر، والظرف متعلق بالأفعال الأربعة المذكورة أعني نهج وما عطف عليه على سبيل التنازع.
قوله (وسبقت سبقا بعيدا) أي سبقت غيرك في سبيل الخيرات والفضائل كلها سبقا بعيدا بالغا إلى النهاية متجاوزا عن الغاية.
قوله (وأتعبت من بعدك تعبا شديدا) اتعابه من بعده من الشيعة والأحباء إما لأجل حيرتهم في الدين أو تعظيم المصيبة، والأخير أنسب بقوله: «فجللت عن البكاء» أي فعظمت أي يبكي عليك باك ويأتي بحق البكاء «وعظمت رزيتك يعني مصيبتك في أهل السماء» من الملائكة المقربين وأرواح القدسيين «وهدت مصيبتك الأنام» أي هدت صدورهم وكسرت قلوبهم.
قوله (وقنة راسيا) أي جبلا ثابتا مرتفعا وهو مثل يضرب به لمن هو ظهير القوم في النوازل والنوائب والقنة بالضم الجبل.
* الأصل:
5 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن صفوان الجمال قال: كنت أنا وعامر وعبد الله بن جذاعة الأزدي عند أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فقال له عامر: جعلت فداك إن الناس يزعمون أن أمير المؤمنين (عليه السلام) دفن بالرحبة؟ قال: لا، قال: فأين دفن؟ قال: إنه لما مات احتمله الحسن (عليه السلام) فأتى به ظهر الكوفة قريبا من النجف يسرة عن الغري يمنة عن الحيرة، فدفنه بين ذكوات بيض، قال: فلما كان بعد ذهبت إلى الموضع فتوهمت موضعا منه، ثم أتيته فأخبرته فقال لي: أصبت رحمك الله - ثلاث مرات -.
* الشرح:
قوله (دفن بالرحبة) الرحبة - بالفتح - ساحة المسجد وما يتخذ على أبواب بعض المساجد في القرى والرساتيق من حظيرة أو دكان للصلاة والصحراء بين أفنية القوم ورحبة الكوفة كانت موضعا منها معروفا عندهم.
قوله (قريبا من النجف) النجف الموضع الرفيع شبه التل، وفي المغرب النجف بفتحتين كالمسناة بظاهر الكوفة على فرسخين منها يمنع ماء السيل أن يعلوا منازلها ومقابرها، وفي معجم البلدان في هذا الموضع قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). والغري موضع معروف. والغراء بالمد والقصر: ما يلصق به الأشياء ويتخذ من أطراف الجلود والسمك. والغريان بناءان طويلان يقال هما قبر مالك وعقيل نديمي جذيمة الأبرش. وسميا غربين لأن النعمان بن المنذر كان يغريهما بدم من يقتله إذا خرج في يوم بؤسه. والحيرة بالكسر البلد القديم بظهر الكوفة. والذكوات