قوله (سلام مودع لا قال ولا سئم) يقال قلاه فهو قال إذا أبغضه وسئم يسأم فهو سئم إذا مل وضجر أي لا مبغض لزيارتكم ولا ضجر للقيام عندكم وهذه صورة وداع المحبين الناصحين بحسب مجاري العادة.
قوله (فإن أنصرف) (1) لما كان الانصراف عن قرب الحبيب والقيام عنده أبدا يوهم الملالة وعدم الصبر يعني سوء الظن بما وعد الله الصابرين نفاهما للدلالة على أن كلا منهما بسبب أمر آخر وأما ما وعد الله الصابرين على نزول المصائب فهو صلواته ورحمته وهدايته في قوله جل شأنه:
(وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وانا إليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون).
قوله (واه واها) الظاهر أن الواوين للعطف والربط قال ابن الأثير في النهاية: «اوه» كلمة يقولها الرجل عند الشكاية والتوجع. وهي ساكنة الواو. مكسورة الهاء. وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا: «آه من كذا» وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء فقالوا: أوه. وربما حذفوا الهاء فقالوا «أو» وبعضهم يفتح الواو مع التشديد فيقول «اوه» وقال الزمخشري في الفايق: آها كلمة تأسف وانتصابها على إجرائها مجرى المصادر كقولهم: ويحا له، وتقدير فعل ينصبها كأنه قال تأسفا على تقدير أتأسف تأسفا.
قوله (والصبر أيمن وأجمل) أي من الجزع وبث الشكوى ووجود الجمال فيهما لما فيهما من ثلج الصدر وليس الغرض منه الإخبار بل تسلية النفس وحملها على الصبر أو مجرى العادة فإن الإنسان كثيرا ما يقول ذلك إذا أصابه مكروه.
قوله (ولولا غلبة المستولين) لعل المراد بغلبتهم ترددهم إليه وعدم تركهم إياه بحال ويحتمل أن يراد بها التعيير والتوبيخ أيضا.
قوله (ولا عولت إعوال الثكلى) العول والعولة رفع الصوت بالبكاء يقال: منه أعول، والثكلى امرأة مات ولدها.
قوله (فبعين الله) أي أستعين بذات الله أو بشهوده وحضوره أو أعوذ بها من شر الخلائق تدفن ابنتك سرا من أجل شرورهم ويهضم حقها ويمنع إرثها. وفيه إظهار للتوجع والتحسر مما فعلوه وارتكبوه من الظلم عليها. روى مسلم بإسناده عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها أخبرته «أن فاطمة