مدخل في الكمال والمراد بأوقاتها الأوقات التي قدرها الله تعالى لحصول تلك الأسباب فيها ولما لم يكن هذا مستلزما لوقوع كل واحد من تلك الأسباب على نهاية الكمال، أشار إلى وقوع ذلك بقوله وجرى بأمر الله القضاء فيه إلى نهاياتها أي نهايات تلك الأسباب في الكمال والحمل على التأكيد محتمل لأن انتهاء الأسباب إلى أوقاتها مستلزم لجريان القضاء إلى نهاياتها كما أن حمل الأول على تقدير الأسباب والثاني على القضاء بوجودها كذلك إلا أن قوله إلى أوقاتها ينافيه في الجملة، والله أعلم.
قوله (أداء محتوم قضاء الله إلى غاياتها) هذا كالنتيجة للسابق والثمرة له والضمير في أداء راجع إلى محمد (صلى الله عليه وآله) والمراد بالقضاء المحتوم القضاء المبرم الذي لا راد له، وبغايات تلك الأسباب المذكورة النبوة والرسالة وكمال القرب والشرف والتقدم على جميع الخلق.
قوله (تبشر به كل أمة من بعدها) البشارة الخبر الموجب للسرور حتى يظهر أثره في البشرة من النشاط والبشاشة وطلاقة الوجه وغيرها، والامة الطائفة من الناس إذا اشتركوا في دين أو لغة، ومن موصولة أو موصوفة، ولما قدر الله تعالى النبوة والرسالة وهيأ له أسبابها وجعله نبيا في عالم الأرواح كما قال (عليه السلام): «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» (1) وأعلم بذلك الأنبياء وسائر الخلق وجعله أميرا لهم جميعا ثم قدمهم في عالم الأبدان الذي هو مقام المجاهدة مع النفس والشيطان كتقديم