شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ١٦٥
مدخل في الكمال والمراد بأوقاتها الأوقات التي قدرها الله تعالى لحصول تلك الأسباب فيها ولما لم يكن هذا مستلزما لوقوع كل واحد من تلك الأسباب على نهاية الكمال، أشار إلى وقوع ذلك بقوله وجرى بأمر الله القضاء فيه إلى نهاياتها أي نهايات تلك الأسباب في الكمال والحمل على التأكيد محتمل لأن انتهاء الأسباب إلى أوقاتها مستلزم لجريان القضاء إلى نهاياتها كما أن حمل الأول على تقدير الأسباب والثاني على القضاء بوجودها كذلك إلا أن قوله إلى أوقاتها ينافيه في الجملة، والله أعلم.
قوله (أداء محتوم قضاء الله إلى غاياتها) هذا كالنتيجة للسابق والثمرة له والضمير في أداء راجع إلى محمد (صلى الله عليه وآله) والمراد بالقضاء المحتوم القضاء المبرم الذي لا راد له، وبغايات تلك الأسباب المذكورة النبوة والرسالة وكمال القرب والشرف والتقدم على جميع الخلق.
قوله (تبشر به كل أمة من بعدها) البشارة الخبر الموجب للسرور حتى يظهر أثره في البشرة من النشاط والبشاشة وطلاقة الوجه وغيرها، والامة الطائفة من الناس إذا اشتركوا في دين أو لغة، ومن موصولة أو موصوفة، ولما قدر الله تعالى النبوة والرسالة وهيأ له أسبابها وجعله نبيا في عالم الأرواح كما قال (عليه السلام): «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» (1) وأعلم بذلك الأنبياء وسائر الخلق وجعله أميرا لهم جميعا ثم قدمهم في عالم الأبدان الذي هو مقام المجاهدة مع النفس والشيطان كتقديم

(١) قوله «وآدم بين الماء والطين» كونه نبيا في تلك الحالة بل وقبل ذلك لا ينافي نزول جبرئيل والوحي إليه تدريجا وإظهاره (صلى الله عليه وآله) عدم العلم بامور قبل نزول الوحي عليه فإن العلم البسيط الإجمالي الثابت للإنسان كالملكة مبدء للعلوم التفصيلية، ولا ينافي تقدم الأول حدوث الثاني. ويعلم العارف البصير أنه لولا العلم البسيط الإجمالي لم ينفع تلقين العلوم التفصيلية واحدا واحدا فلو نزل جبرئيل بالوحي على بعض الأعراب البدوي وقرأ عليه آيات القرآن لم يكن في استعداد هذا البدوي أن يتلقى إلا ألفاظا لا يعرف حقائقها ولا يقدر على شرحها وتفصيلها وبيانها للناس والدفاع عنها وترويجها بين الأنام، ولم يكن قراء القرآن في عصره (صلى الله عليه وآله) مع حفظهم جميع القرآن مساوين له ولو لم يكن للنبي (صلى الله عليه وآله) غير ما يتلقى من ألفاظ الوحي كما توهمه القاصرون لم يكن فرق بينه وبين أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود. لأن الواسطة الواحدة لا يؤثر في العلم شيئا، وبالجملة العلم الأول البسيط الكائن معه منذ أن خلقه الله شيء والعلم التفصيلي الثاني النازل عليه تدريجا شيء آخر ولا ينافي ذلك أيضا كونه نبيا في عالم الأرواح قبل خلقه الجسماني واستفادة أرواح الأنبياء من روحه، ونعم ما قال البوصيري:
وكل آي أتى الرسل الكرام بها * فإنها اتصلت من نوره بهم فإنه شمس فضل هم كواكبها * يظهرن أنوارها للناس في الظلم والذي يستبعد ذلك توهم تقدم وجوده الشخصي البدني بعلومه التفصيلية وليس المراد ذلك بل المراد تقدم نوره كتقدم وجود سائر الناس في عالم الذر بفطرتهم على وجودهم الدنيوي. (ش)
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417