قوله (ما قاب قوسين أو أدنى) كأنه سؤال عن قوله أو أدنى ولذلك بينه (عليه السلام) وقال ما بين سيتها إلى رأسها. سية القوس على وزن عدة بتعويض الهاء عن الواو المحذوفة ما عطف من طرفيها والمشهور فيها عدم الهمزة، ومنهم من يهمزها ويقول سئة.
قوله (قال كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق) لعل المراد بالبين البين المعنوي إذ لا مكان له وبالحجاب الحجب النورية الدالة على جلاله وكماله وعظمته المانعة من إدراكها وإدراك ما وراءها وهي الأنوار التي لو كشفت لأحرقت من أبصرها وأهلكت من نظرها كما خر موسى صعقا وتقطع الجبل دكاء عند تجليها، وخلفها أنوار لم يقدر على مشاهدة شيء منها إلا خاتم النبيين لقوة قلبه وكمال قربه ونظر إليها من الحجاب ما شاء الله، ونسبتها إلى نور الحجاب كنسبة نور الشمس إلى نور الكواكب، والمراد بقوله «يتلألأ يخفق» أنه يشرق ويستنير ويلمع كما يلمع البرق ويضطرب ويتحرك، هذا الذي ذكرت من باب الاحتمال (1) والله اعلم بحقيقة ذلك.