أفضل الأعمال وأكمل أركان الإيمان وقيد «في الأرض» إما لاستغراق الأولياء وزيادة تعميمه أو للإشعار بأن الدنيا هي دار الفساد فيحتاجون إلى معتمد يحفظهم عن فساد أهلها وأما الآخرة فهي دار الأمن لهم فلا يتطرق إليهم الفساد ولا يصل إليهم أيد الجور والعناد، وهذا الذي ذكرنا من أن الأولياء وديعة الله عند الأئمة هو الأظهر بالنظر إلى هذه العبارة، وأما العكس فهو الأنسب بظاهر قوله «فمن أدى أمانته أتاه الله صدقه» إذ الظاهر أن الضمير في أمانته راجع إلى «من» وأن الأمانة هي الوديعة التي استودعه الله إياها وأنه إذا أداها كما هي من غير تغلب وتقصير أعطاه الله جزاء صدقه من المثوبات الجزيلة والدرجات العالية، وانما قلنا: الظاهر ذلك لاحتمال أن يعود الضمير إلى الله أو إلى النبي، وأن يراد بالأمانة الوديعة التي قبلها الله تعالى من نبيه، وبأدائها الاعتراف بأنها وديعة النبي عند الله والإقرار بحقوقها وعدم قطعها من الله، والله أعلم.
قوله (وبين لكم سبيل المخرج) أي سبيل الخروج من الباطل إلى الحق أو من الدنيا إلى الآخرة) أو من الجور إلى العدل أو من الشر إلى الخير أو من الفساد إلى الصلاح أو من العكس في الجميع، وبالجملة بين كل ماله مدخل في الدخول في الدين والخروج عنه.
قوله (والله من وراء حوائجكم) الوراء فعال ولامه همزة عند سيبويه وأبي علي الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وقدام من الأضداد، وهذا الكلام تمثيل والمعنى أنه تعالى يعلم حوائجكم فيقضيها كمن يكون وراء الشيء مهيمنا لديه ومحافظا عليه.
قوله (واستودعكم الله) الظاهر أن استودع بفتح الهمزة على صيغة المتكلم أي أجعلكم وديعة عند الله واستحفظه إياكم.
* الأصل:
126 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن إسماعيل بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رئي في الليلة الظلماء رئي له نور كأنه شقة قمر.
* الشرح:
قوله (كأنه شقة قمر) من طريق العامة أن نور وجهه يرى على الحائط في الليل. الشق بالكسر نصف الشيء وكذا الشقة والظاهر منها نصف جرم القمر ويجوز أن يراد منها نفس القمر في وسط الشهر أعني البدر الكامل نوره فعلى الأول شبه كلا من نصفي الوجه بنصف القمر وعلى الثاني شبه وجهه في النور والإضاءة في البدر الكامل، واعلم أن تشبيه الشيء بالشيء إنما يكون فيما اختص واشتهر به الشيء المشبه به مع القصد إليه، فتشبيه الوجه بالقمر إنما يكون في النور والإضاءة لا في