فيها دلالة إلى النجاة ومعالم تدعو إلى هداه، فبلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أرسل به وصدع بما أمر وأدى ما حمل من أثقال النبوة وصبر لربه وجاهد في سبيله ونصح لأمته ودعاهم إلى النجاة وحثهم على الذكر ودلهم على سبيل الهدى، بمناهج ودواع، أسس للعباد أساسها ومنار رفع لهم أعلامها كيلا يضلوا من بعده وكان بهم رؤوفا رحيما.
* الشرح:
قوله (فلم يمنع ربنا) «ربنا» مفعول لم يمنع (1) وما كان فاعله، وكان تامة أو ناقصة بتقدير الخبر و «من» بيان لما وأن بصلتها مجرور محلآ بإضمار عن عند الخليل ومنصوب بإفضاء الفعل إليه وهو لم يمنع بعد حذفها عند سيبويه والحلم وتالياه متلازمة في التحقيق والحلم هو الأصل لأن الحليم من لا يستخفه العصيان ولا يستفزه الغضب وكل من كان كذلك فهو ذو أناة ووقار لا يستعجل في المؤاخذة وذو عطف ورحمة لميله إلى المرحوم، والغرض من هذه الفقرة هو حث العباد على الشكر لتلك النعمة العظيمة والفضيلة الجسمية بعد استحقاقهم للعذاب واستيهالهم للعقاب.
قوله (في حومة العز مولده) قدم الخبر على المبتدأ لقصد الحصر والجملة في محل النصب على أنها حال عن «أحب»، وحومة العز معظمة كحومة الماء وحومة الرمل والمراد بها إما مكة لأنها أعز بقاع الأرض وأشرفها أو ذرية إبراهيم الخليل لأنهم أشرف الخلائق وأعزهم.
قوله (وفي دومة الكرم محتدة) في المغرب الدومة بالضم، والمحدثون على الفتح وهو خطأ عن ابن دريد، وفي الصحاح أصحاب اللغة يضمون الدال وأصحاب الحديث يفتحونها. والمحتد بفتح الميم وكسر التاء بمعنى المقام أو الأصل، قال الجوهري: حتد بالمكان يحتد أقام به وثبت والمحتد الأصل يقال فلان من محتد صدق ومحفد صدق. وعين حتد بضم الحاء والتاء إذا كان لا ينقطع ماؤها من عيون الأرض. وأما الدومة فيطلق على ضخام الشجر والظل والحصن ولعل المراد أن في ظل الكرم مقامه أو أصله على سبيل المنكية والتخييلية وفيه وصف له ولآبائه بالكرم والسخاء والدين.
قوله (غير مشوب حسبه) الشوب الخلط وقد شبت الشيء أشوبه وهو مشوب. وحسب الرجل