قوله (قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون) قرآنا حال بعد حال عن الكتاب لتأكيد اشتماله على كل شيء وعربيا صفة مخصصة أو مادحة واشتماله على غير العربي نادرا لا يضر في عربيته، وغير ذي عوج أي لا اختلاف فيه أو لا شك صفة بعد صفة للمدح ولعلهم يتقون علة غائبة للإنذار ولم يذكر متعلق يتقون لقصد التعميم أو الاختصار أو التحرز عن توهم التخصيص.
قوله (قد بينه للناس) إما حال ثالثة للكتاب أو استئناف كأنه قيل: ما فعل به بعد إنزاله فأجاب بأنه قد بينه للناس. وفيه دلالة على أن الناس يحتاجون في فهم ما فيه من أمر المبدأ والمعاد وغيرهما إلى مبين والروايات الدالة على ذلك كثيرة بل متواترة معنى والعقل الصحيح شاهد له فبطل قوله من قال بأن الإمام بعد النبي هو القرآن للتخلص عن الموتة الجاهلية التي رووها عنه (صلى الله عليه وآله) «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» ولم ينفعهم البيان النبوي لاتفاقهم على أنه لم يعلم أحد من الامة جميع ما فيه.
قوله (ونهجه) أي أوضحه من نهجت الطريق إذا أوضحته وهو عطف على «بينه» ولعل الأول متعلق ببيان مدلولاته الظاهرة والباطنة والثاني بايضاح دلائلها وبماديها ويحتمل تعلق الأول بالمدلولات الظاهرة والثاني بالمدلولات الباطنة.
قوله (يعلم قد فصله - إلى قوله وأعلنها لعل القرائن الأربع أحوال متعاقبة للقرآن أي حال كون متلبسا بعلم، من التفسير والتأويل والمجمل والمفصل والمحكم والمتشابه والعام والخاص قد فصله، وبدين من الشرائع والاحكام والمعارف قد أوضحه، وبفرائض من الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها قد أوجبها ولم يرخص لهم تركها، وبحدود في الجروح والقصاص ونحوها حدها للناس وبينها، وبأمور من العبر والأمثال وغيرها قد كشفها لخلقه وأعلنها، وقوله «لخلقه» متعلق بالأخير أو بالأفعال الأربعة على سبيل التنازع وإنما قلنا: لعل، لاحتمال أن يكون متعلقا بنهجه على أن يكون نهجه من نهجت الطريق بمعنى سلكته.
قوله (فيها دلالة إلى النجاة) ينبغي الوقف ليتم السجع مع هداه أي في الأمور المذكورة دلالة نجاة العباد من النكال والعقوبة وخلاصهم من الوبال والصعوبة.
قوله (ومعالم تدعو إلى هداه) المعالم مواضع العلوم ومحلها وهي بالرفع عطف على دلالة وبالجر عطف على النجاة، وتدعو صفة لها، والهدى خلاف الضلالة، والضمير المجرور لله أو للرسول (صلى الله عليه وآله) أو للكتاب، والإضافة على جميع التقادير من باب إضافة المصدر إلى الفاعل ومفعول تدعو محذوف وهو العباد، وقيل الهدى بمعنى ما يهتدى به وهو الله أو الرسول أو الكتاب والإضافة على التقدير الأول لامية وعلى الأخيرين بيانية.