شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ١٦٨
الفصل الذي تأتي فيه الكماة (1) والنور وهو ربيع الكلأ والربيع الثاني هو الفصل الذي تدرك فيه الثمار، ويجوز إرادة كل واحد من هذة المعاني هاهنا على سبيل التشبيه لاريتاح قلوب الخلق وميلهم إليه وانتفاعهم منه وخروجهم من الضيق ورفاهيتهم في التعيش وهدايتهم إلى صلاح معاشهم ومعادهم.
قوله (فيه البيان والتبيان) حال عن الكتاب والتبيان أخص من البيان وأبلغ منه لأنه بيان للشيء مع دليل وبرهان أو يراد بالتبيان تبيان المعارف الإلهية الأسرار اللاهوتية وبالبيان بيان الأحكام الشرعية والقوانين العملية وتقديم الظرف إما لقصد الحصر أو القرب المرجع أو للاهتمام واشتمالة على ضمير الكتاب أو لربط الحال على ذي الحال ابتداء.

(١) قوله «تأتي فيه الكماة» الكمأة شيء يحدث في الأرض المرطوبة من جنس الفطر ويقال له بالفارسية دنبلان، وأعلم أن الربيع يطلق في لغة العرب على فصل المطر والخصب وقد يسمون ربيعنا صيفا والصيف قيظا والربيع عند بعضهم هو الخريف وكانوا غالبا مقتصرين في الفصول على شهرين، وأشار بهذا الكلام إلى أنه بعثة رسولنا (صلى الله عليه وآله) كانت بمنزلة الربيع بعد الشتاء والخصب بعد الجدب فقد أحيى العرب حياة لا موت لها كما مات الكلدانيون والآشوريون والبابليون ونسخ لغة الإغريق من مدارس العالم وبدلها باللغة العربية وغير مجرى الحوادث وأزال الحكومات الوثنية المستبدة وأقام رسوم العدل باحترام الحقوق الشخصية في الأموال والدماء والأعراض، وجعل من أفراد البشر إنسانا إذ لم يكونوا في دولة الروم والفرس إلا جمادات لا إرادة لها إلا أن يأمرهم أمراؤهم بشيء فيطيعوهم وما كانوا يجهدون ويسعون ويتفكرون ويعقلون ويشعرون إلا بأذن ملوكهم، وكان بيد الأمراء اختيار حياة الرعايا وقتلتهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم ومعلوم أن الإنسان المسلوب الإرادة لا يكون انسانا فنجاهم الله تعالى بظهور الإسلام وغلبته على الدول الوثنية من ظلم الولاة فنشطوا للعلوم والصنائع وتحصيل المعارف وعرفوا أن أفراد الإنسان متساوون وأن أكرمهم عند الله أتقاهم، وأن الطبقات الأربع المتداولة بينهم باطلة وغير ذلك.
وبالجملة تغير وجه العالم عما كان وتهلل بعد لعبوس حتى أن نصارى عهدنا يعدون الامة العربية الركن الثاني للتمدن للعالم البشري واليونان الركن الأول وهذا معنى قول الصادق (عليه السلام): «ربيعا للبلاد»، وأعلم أن في هذا الحديث الشريف الذي يظن صدوره من المعصوم علما كثيرا لا نقدر على ذكر جميع ما خطر بالبال منه لضيق المجال، وما يستفاد منه مؤيد بالحس والاستقراء وتتبع المذاهب والأديان وللإسلام اصول وقواعد مستقلة متأصلة مباينة لأصول غيره. أما المذاهب الوثنية المبنية على أصالة المادة وأمثالها فواضحة، وأما مذهب النصارى فلبنائه على التثليث، وحلول الواجب في موجود جسماني وتخمر طينة الإنسان على الخباثة، وتطهيره بصلب المسيح وأمور غير معقولة أمثال ذلك، وأما اليهود فلبنائه على التجسم ثم على عدم عناية الله تعالى بخلقه غير أولاد يعقوب وأنه تركهم وما يعملون ولم يرسل إليهم نبيا ولا شريعة ولا يشك ذو مسكة أن الحق من بين هذه الآراء هو الإسلام وان لم يكن له دليل ومعجزة غير فضله على مذاهب أهل العالم لكفى.
(ش)
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417