شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ١٦٦
المقدمة على الأمير فصار يبشر كل أمة من بعده بموكبه وظهوره ويوصيهم بمتابعته وموافقته وترك معاندته (صلى الله عليه وآله).
قوله (لم يخلطه في عنصره سفاح ولم ينجسه في ولادته نكاح) العنصر بضم العين وفتح الصاد الأصل وقدم تضم الصاد، والنون مع الفتح زائدة عند سيبويه لأنه ليس عنده فعلل بالفتح. والسفاح بالكسر الزنا مأخوذ من سفحت الماء إذا صببته والنكاح الوطي والعقد والمراد به هنا الزنا أو العقد المخالف للقوانين الشرعية بقرينة التنجيس وفيه إشارة إلى أنه كان كريم الطرفين من لدن آدم إلى أبيه عبد الله بن عبد المطلب والفقرة الأولى لبيان طهارة الآباء والثانية لبيان طهارة الامهات.
قوله (في خير فرقة وأكرم سبط وأمنع رهط) الفرقة الطائفة من الناس، والسبط بالكسر القبيلة وأولاد الأولاد والرهط الأهل والعشيرة وهذه الألفاظ متقاربة في المعنى، ولعل المراد بالخيرية الخيرية باعتبار الدين لأن أباءه (عليهم السلام) كانوا على الشريعة السابقة وبالأكرمية الزيادة في المنح والصفح والشرف والفضائل لأن كثيرا من آبائه (عليهم السلام) كانوا أنبياء ذوى فضائل كثيرة، منهم يصل الخير إلى الغير، وبالأمنعية زيادة الاتصاف بمنع العار عن العشيرة والأغيار واتصاف القريشي والهاشمي بهذا الوصف مشهور.
قوله (وأكلأ حمل وأودع حجر) الكلاء بالكسر الحفظ والحراسة والحمل بالفتح ما يحمل بالبطن وبالكسر ما يحمل على ظهر من الأحمال والأثقال ولعل الأول هو المراد هنا وحجر الإنسان بفتح الحاء وكسرها معروف، والأودع من ودع بالضم وداعة ودعة بالفتح وهي السكون والوقار والترفه يقال رجل وادع أي رافه، ويحتمل أن يراد بالأودع الأحفظ يقال استودعته وديعة أي استحفظته إياها، ولعل المراد بالأكلأ امه آمنة وبالأودع هي أو مرضعته حليمة السعدية أو فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) أو أعم منهن بحيث يشمل امهاته إلى حواء (عليها السلام).
قوله (وآتاه من العلم مفاتيحه) (1) دل على أن العلوم كلها خرجت منه وأنه المعلم في العالم

(١) قوله «من العلم مفاتيحه» مفتاح كل علم اصول كلية قليلة من جهة العدد يستنبط منها جميع المسائل بكثرتها ولا يحصل إلا لأوحدي من الناس صاحب قوة تفوق البشر، فإن كان من العلوم الحقيقية الإلهية سمى صاحبها صاحب القوة القدسية، وتدل تلك الاصول القليلة على إحاطة صاحبها بجميع ذلك وقدرته على بيان تفصيلها كما ألقى أمير المؤمنين (عليه السلام) اصول علم النحو على أبي الأسود الدؤلي فهدى ذهنه إلى الطريق الذي يجب أن يسلكه فقال: الكلمة على ثلاثة أقسام: الاسم والفعل والحرف، لينبه على أن الحرف مأمون من التغيير أي الإعراب لبنائه والاسم في معرض التغير، والفعل واقع بينهما. فتنبه أبو الأسود لسائر ما ينبغي أن يضيف إليه ومثله اتفق لمخترعي سائر العلوم كالخليل للعروض والملك العالم أبي نصر ابن عراق لعلم المثلثات الذي هو مبنى أكثر العلوم في زماننا، ومحمد بن موسى الخوارزمي للجبر والمقابلة، ولا ريب أن مفاتيح العلوم الإلهية في القرآن، وتنبه من تنبه للتفاصيل بتنبيه القرآن إياه إذ نبه على إثبات العمد والتدبير في خالق الموجودات وعلمه بها بالتأمل في آثاره تعالى كما قال: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) وهو مفتاح من مفاتيح علم التوحيد ونبه بقول: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) على شبه الموت بالنوم، وأن للنفس حواس اخرى ومدارك غير المشاعر الظاهرة النائمة ورفع الاستبعاد عن تجرده وبقائه وهكذا سائر مفاتيح المسائل الشرعية، وإذا كان التنبه لمفاتيح العلوم ممكنا في الجملة لسائر الناس كيف يستبعد ثبوته للأنبياء (عليهم السلام). (ش)
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست