قوله (ويرى من خلفه كما يرى من أمامه) هذه علامة سادسة، الرؤية بالعين يتعدى إلى مفعول واحد كما تقول: رأيت زيدا أي أبصرته، وبمعنى العلم إلى مفعولين كما تقول: رأيت زيدا عالما، والمراد هنا هو المعنى الأول ومفعوله من خلفه إن كانت «من» موصولة أو موصوفة، ومحذوف إن كانت حرف جر، أي يرى الأشياء من خلفه كما يراها من أمامه وذلك إما بأن يخلق له إدراك في القفاء كما يخلق النطق في الرجل واليد في الآخرة، أو بأن يدرك بالعين ما ليس بمقابل لها من باب خرق العادة فيفهم أن البنية المخصوصة أعني العين والمقابلة من الشروط العادية للإبصار فيجوز أن تنخرق فيخلق الإدراك في غير العين من الأعضاء فيرى المرئي ويرى بالعين غير المقابل، ومن قال أنهما من الشروط العقلية التي لا تنخرق يشكل عليه ذلك إلا أن يقول: رؤية الخلف يجوز بانعكاس شعاع البصر من غير لزوم انطباقه على الصيقل، وهذا أيضا من باب خرق العادة. وحمل الرؤية على المعنى الثاني بعيد جدا.
قوله (ونجوه كرائحة المسك) هذه علامة سابعة، وفيه حذف أي رائحة نجوه، والنجو ما يخرج من ريح أو غائط وذلك لأن باطنه كظاهره طاهر مطهر مما يوجب التأذي والتنفر منه.
قوله (والأرض موكلة بستره وابتلاعه) هذه علامة ثامنة، وذلك إما لتشرفها به كما شرب الحجام دمه (صلى الله عليه وآله) للتشرف والتبرك أو لأنه وإن لم يكن له رائحة إلا أن صورته كصورة نجو غيره ومشاهدة ذلك يوجب التنفر عنه في الجملة فامرت الأرض بابتلاعه إكراما له (عليه السلام).
قوله (وإذا لبس - إلى قوله - شبرا) هذه علامة تاسعة، فإن قلت: هذا ينافي ما رواه المصنف في باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لبس أبي درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات الفضول فخطت ولبستها أنا ففضلت» حيث دلت على أنه زاد عليهما، قلت: هذا من علامات الإمام الذي يغلب على الأديان كلها (1) ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وهو المهدي (عليه السلام) يدل على ذلك ما رواه أيضا في ذلك الباب عنه (عليه السلام) قال «ولقد لبس أبي درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخطت على الأرض خطيطا، ولبستها فكانت وكانت، وقائمنا من إذا لبسها ملأها إن شاء الله تعالى» وقد ذكرنا تفصيل ذلك سابقا فلا تغفل.
قوله (وهو محدث) هذه علامة عاشرة (2)، وقد مر توضيح ذلك وتفصيله سابقا فلا نعيده.