ورواج الدين ورفع الظلم والجور، فيجب الحمد والثناء له تعالى شأنه.
* الأصل:
9 - محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن معاوية، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن للقائم (عليه السلام) غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم؟ قال: إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل.
10 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها.
* الشرح:
قوله (أن بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها) لأن غيبته حق ثابت وأمر محتوم والمنكر لها القائل بعدم وجوده كالمنكر لإمامة علي (عليه السلام) كما دل عليه بعض الروايات من أنه كيف يؤمن بالأول من لا يؤمن بالآخر، ولا وجه للإنكار أصلا لأن سببه إما استبعاد أن يكون الهادي للخلائق غائبا عنهم وهو باطل لتحقق الغيبة لجميع الأنبياء والأوصياء كما دل عليه تصفح الأخبار وتتبع الآثار; وإما طول الزمان واستبعاد أن يكون لأحد هذا العمر الطويل وهو أيضا باطل لتحققه في كثير من الخلائق، ومما يناسب ذكره في هذا المقام ما حكاء السيد الجليل رضي الدين علي بن طاووس (قدس سره) في بعض كتبه قال: اجتمعت يوما في بغداد مع بعض فضلائها فإنجر الكلام بيني وبينه إلى ذكر الإمام محمد بن الحسن المهدي (عليهما السلام) وما يدعيه الإمامية من حياته في هذه المدة الطويلة فشنع ذلك الفاضل على من يصدق بوجوده ويعتقد طول عمره إلى هذا الزمان تشنيعا بليغا، فقلت له: إنك تعلم أنه لو حضر اليوم رجل وادعى أنه يمشي على الماء لاجتمع بمشاهدته أهل البلد كلهم، فإذا مشى على الماء وعاينوه وقضوا تعجبهم منه ثم جاء في اليوم الثاني آخر وقال: أنا أمشي على الماء أيضا فشاهدوا مشيه عليه; لكان تعجبهم أقل من الأول; فإذا جاء في اليوم الثالث آخر وادعى أنه يمشي على الماء أيضا فربما لا يجتمع للنظر إليه إلا قليل ممن شاهد الأولين، فإذا مشى سقط التعجب بالكلية، فإذا جاء رابع وقال: أنا أيضا أمشي على الماء كما مشوا فاجتمع عليه جماعة ممن شاهدوا الثلاثة الأول ثم أخذوا يتعجبون منه تعجبا زائدا على تعجبهم من الأول والثاني والثالث; لتعجب العقلاء من نقص عقولهم وخاطبوهم بما يكرهون، وهذا بعينه حال المهدي (عليه السلام) فإنكم رويتم أن إدريس (عليه السلام) حي موجود في السماء من زمانه إلى الآن، ورويتم أن الخضر (عليه السلام) كذلك في الأرض حي موجود من زمانه إلى الآن، ورويتم أن عيسى (عليه السلام) حي موجود في السماء وأنه سيعود إلى الأرض إذا ظهر المهدي ويقتدي به، فهذه ثلاثة نفر من البشر قد طالت