به أبي، فخرجت ذات (1) ليلة وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لأبي: إن مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إني ماض والأمر صائر إلى ابني علي وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي، ثم مضى الرسول ورجع أحمد إلى موضعه وقال لأبي: ما الذي قد قال لك؟ قال: خيرا، قال: قد سمعت ما قال فلم تكتمه؟ وأعاد ما سمع فقال له أبي: قد حرم الله عليك ما فعلت لأن الله تعالى يقول: (ولا تجسسوا) فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوما ما، وإياك أن تظهرها إلى وقتها.
فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع وختمها ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة وقال: إن حدث بي حدث الموت قبل أن اطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها، فلما مضى أبو جعفر (عليه السلام) ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون هذا الأمر فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده وأنه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه ويسأله أن يأتيه، فركب أبي وصار إليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لأبي: ما تقول في هذا الأمر؟ فقال أبي لمن عنده الرقاع: أحضروا الرقاع فأحضروها، فقال لهم: هذا ما أمرت به، فقال بعضهم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر؟ فقال لهم: قد أتاكم الله عز وجل به هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة، وسأله أن يشهد بما عنده، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئا فدعاه أبي إلى المباهلة، فقال: لما حقق عليه قال: قد سمعت ذلك وهذا مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم، فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحق جميعا.
«وفي نسخة الصفواني:
* الشرح:
قوله (انه قال كان يلزم باب أبي جعفر (عليه السلام)) أي أن الخيراني قال: كان أبي يلزم الباب وضمير «إنه» و «قال» راجع إلى الخيراني وضمير «كان» راجع إلى أبيه ويبعد أن يرجع الجميع إلى الأب كما لا يخفى.
قوله (للخدمة التي وكل بها) في بعض النسخ «كان وكل بها».
قوله (وكان أحمد بن محمد بن عيسى) أبو جعفر الأشعري شيخ القميين ووجههم وفقيههم وقد لقي الرضا والجواد والهادي (عليهم السلام) ثقة له كتب.