تحمل النفس على تحمل المكاره والمشاق.
وقوله (على كظم الغيظ) يناسب الفريقين وما عطف عليه إنما يناسب الثاني ولذلك أعاد كلمة «على» وكظم الغيظ تجرعه واحتمال سببه بحبس النفس من المكافاة والمجازاة ولهذه الوصية صبر (عليه السلام) على ما فعلوا.
قوله (وانتهاك حرمتك) حرمة الرجل ما تجب عليه وعلى غيره حفظه ورعايته مثل عزته ورتبته وأهله وغير ذلك، وانتهاكها عدم رعايتها وتناولها بما لا يحل، والمبالغة في خرقها، وقد أشار به وبما سبق إلى ما فعله الخلفاء الثلاثة أولا وبنو أمية ثانيا وبنو عباس ثالثا وهكذا إلى زمان ظهور صاحب الأمر عليه الصلاة والسلام.
قوله (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة) الفلق بالسكون الشق ومنه فالق الحب والنوى أي الذي يشق حبة الطعام ونوى التمر للإنبات، والنسمة بالتحريك النفس من نسيم الريح، ثم سميت بها النفس أي ذات الروح وبرؤها خلقها وإيجادها من كتم العدم وكان (عليه السلام) كثيرا ما يقسم بها إذا اجتهد في يمينه لعظمة هذا الفعل وكمال اختصاصه بالله القادر المختار.
قوله (يا محمد عرفه أنه ينتهك الحرمة) لما لم يصرح (صلى الله عليه وآله) بأنه ينتهك حرمته ويهراق دمه حياء ولا يدل عليهما قوله «وانتهاك حرمتك» صريحا أمره جبرئيل (عليه السلام) بأن يعرفه ذلك صريحا فكشف الله تعالى حجاب السمع فأسمعه صوت الوحي بلا واسطة رعاية لحياء النبي والله لا يستحيي من الحق. وفي بعض النسخ: أعلمه بدل عرفه.
قوله (بدم عبيط) العبيط من الدم الخالص الطري.
قوله (فصعقت) صعق الرجل - كسمع - صعقة وتصعاقا أي غشي عليه أو صعقه غيره، ولم يكن ذلك لخوفه من القتل بل لشدة السرور من سماع الوحي أو لسماع الوحي فجأة، وفيه دلالة على كمال القوة النبوية.
قوله (ومزق الكتاب) التمزيق التخريق والتقطيع، ولعل المراد بتمزيقه تقطيع أوراقه وتبديل أحكامه وتغيير ألفاظه.
قوله (صابرا محتسبا) أي طالبا لوجه الله تعالى وثوابه من احتسب بالشيء إذا اعتد به وجعله في الحساب، والحسب بالسكون العد والاحتساب منه كالاعتداد من العد، وإنما قيل: احتسب العمل لمن ينوي به وجه الله لأن له حينئذ أن يعتد عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به، كذا في الفائق والنهاية.
قوله (فقال سنن الله وسنن رسوله) السنن جمع السنة وهي في الأصل الطريقة وفي الشرع ما