بالتدريج وحسن السير حتى يرى نوره مضمحلا في نوره بل يضل نفسه بين يديه ويمحو بالقرب منه، كما أن القمر بعد كماله يعود إلى الشمس حتى يضمحل نوره في نورها.
(وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) قد مر شرحه مفصلا.
* الأصل:
2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الذي يعلم العلم منكم له أجر مثل أجر المتعلم، وله الفضل عليه، فتعلموا العلم من حملة العلم وعلموه إخوانكم كما علمكموه العلماء».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الذي يعلم العلم منكم) بيان للموصول، أو حال عن فاعل يعلم يعني حال كون ذلك المعلم من أهل مذهبكم في التشيع، وفيه تنبيه على أن المعلم من غير الشيعة لا أجر له; إذ هو ضال مضل عليه وزره ووزر من تبعه وعمل بقوله من غير أن ينقص شيء من أوزار التابعين له.
(له أجر مثل أجر المتعلم) الغرض من هذا التشبيه هو الحكم بتساوي الأجرين نظرا إلى نفس التعليم والتعلم المتلازمين لا بيان فرعية أحدهما وأصالة الآخر، وإنما جعل أجر المتعلم مقيسا عليه; لأن التعليم متوقف على وجود المتعلم مع ما فيه من الترغيب البليغ في التعلم، ويحتمل أن يكون الغرض منه بيان الفرعية والأصالة; لأن التعليم والتعلم من جملة الأعمال، وقد ورد أن أفضل الأعمال أشقها، والتعلم أشق من التعليم، فلذلك جعل أجر المتعلم أصلا شبه به أجر المعلم، ثم لما كان المعلم له فضيلة العلم والكمال بالفعل، وله حق التعليم والإرشاد والإفاضة على المتعلم بين ذلك بقوله:
(وله الفضل عليه) أي والحال أن للمعلم الفضل على المتعلم من الجهات المذكورة; لأن الكامل بالفعل والمفيض أفضل من الكامل بالقوة القريبة والمستفيض، ثم لما كان مدعي العلم كثيرا وكله ليس من أهل العلم ولا يصلح للأخذ منه أرشد إلى من ينبغي الأخذ منه بقوله:
(فتعلموا العلم من حملة العلم) أي من حملة علم الله تعالى وخزنة أسراره ومعارفه، وهم العترة (عليهم السلام)، ومن أخذ العلم منهم، وإنما قال ذلك لأنه لا يجوز التعلم من غيرهم; إذ ترك التعلم خير من التعلم من غيرهم; لأن غاية ترك التعلم هو الوقوع في الجهل البسيط، وغاية التعلم من غيرهم