شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٥١
فهم التفاضل فيما دون ذلك بالقياس إلى النسبة المذكورة، وفي اعتبار فضل نور القمر على جميع النجوم كما يفيد إضافة الجميع إلى الجمع المحلى باللام دلالة ما على أن المراد في جانب المشبه فضل العالم على جميع العابدين.
ويؤيده أن العابد المحلى باللام يفيد العموم كما ذهب إليه جمع من المحققين، ومع ملاحظة المقايسة يفهم أن المراد بالعابد المجموع على أنا لو أردنا منه كل واحد يحصل المقصود هو زيادة فضل العالم على مجموع العابدين بالنسبة المذكورة بالأولوية; لأنه إذا فضل العالم على كل واحد من أفراد العابد بتلك النسبة فقد فضل على المجموع بالطريق الأولى، وقد دل عليه قوله (صلى الله عليه وآله): «ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، والعقلاء هم اولو الألباب» (1).
ثم كون العبادة نورا وفيها فضل إنما هو باعتبار أنها مستندة إلى شائبة علم ولو بالتقليد عن العالم بواسطة أو بغيرها، وإلا فهي بدون ذلك ظلمة وتعب بلا نفع; إذ لا عبرة بعبادة صدرت بمجرد الأهواء الباطلة والآراء الفاسدة، وفي هذا التشبيه فوائد اخر غير الفوائد المذكورة، وهي التنبيه على أن العلم نور يهتدى به إلى المقصود في ظلمات الطبيعة، كما أن بنور القمر يهتدي المسافر إلى الطريق المقصود، وعلى أن ذلك النور يتفاوت بحسب تفاوت القرب والبعد من نور الحق، كما أن نور القمر يتفاوت بحسب تفاوت قربه وبعده من الشمس (2)، وبذلك التفاوت يتفاوت نورهم في القيمة، فمنهم من نوره بحيث لا يعرف قدره إلا الله سبحانه، ومنهم من نوره إلى مد بصره، ومنهم من نوره دون ذلك، وبحسب هذا التفاوت يتفاوت مرورهم على الصراط سرعة وبطئا، فمنهم من يمره كالبرق الخاطف، ومنهم من يمره كالطيران، ومنهم من يمره كعدو الفرس الجواد، إلى غير ذلك من مراتب الشدة والضعف، وعلى أن العالم بعد بلوغه حد الكمال لا بد أن يعود إلى نور الحق

1 - تقدم في كتاب العقل والجهل.
2 - التشبه في أصل التفاوت لا في كيفية القمر، كلما قرب من الشمس ضعف نوره، وكلما بعد عنها قوى، ففي حال الاجتماع مع الشمس ينمحي نوره والبدر عندما يكون بينهما نصف دور الفلك، وأما العقل فكلما قرب إلى الله تعالى ازداد نوره وقوي. (ش)
(٥١)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الجود (1)، الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست