القدسية الغائبة عن الأبصار (1) وبأجنحتها قواها العملية على سبيل التشبيه بأجنحة الطيور التي بها يقع الطيران إلى فوق وبوضعها بسطها انقيادا لطالب العلم ليركبها وينتقل بها إلى عالم التوحيد وعالم المعارف.
(وإنه يستغفر) أي يطلب من الله ستر الزلات وعفو الخطيئات.
(لطالب العلم) وضع الظاهر موضع الضمير محبة لذكرهم وتصريحا بشرفهم، وبما هو باعث للاستغفار.
(من في السماء ومن في الأرض حتى الحوت في البحر) لفظ «من» هنا ليس مختصا بذوي العقول على ما يقتضيه الوضع، بل يعم كل ذي حياة من باب التغليب بقرينة ذكر الحوت، وإنما ذكر الحوت بعد حتى (2) لبعد المناسبة المقتضية للاستغفار بينه وبين العالم في الطبيعة والتحيز والرية والتنفس، والمناسبة بينهما بمجرد الروح الحيواني، بخلاف المناسبة بين العالم ومن في السماء فإنها باعتبار القوة الروحانية والتجرد (3)، وبينه وبين من في الأرض فإنها بهذا الاعتبار وباعتبار الاشتراك في الروح الحيواني والطبيعة والتحيز أيضا، وإنما يستغفرون لطالب العلم; لأنه سالك لطريق الحق طالب للقرب منه والقيام بين يديه والذنوب من أعظم الأغلال والقيود المانعة من الحركة إليه فينصره الله بجنوده ويبعثهم لمدده بالاستغفار الموجب لفك هذه القيود والأغلال، أو لأنه من أحب المحبوبين له تعالى فيلقي محبته في قلوب خلقه فيطلبون غفران ذنوبه; لأنه أهم للطالب إذ من غفر الله له وجب له الجنة ومقام القرب، أو لأن هذا العالم على اختلاف أجزائه وتفاوت ميلها إلى حضرة القدس بمنزلة شخص واحد أجزاؤه مرتبط بعضها ببعض فإذا تحرك طالب العلم الذي هو أشرف أجزائه إلى حضرة الباري يستشعر به الباقي بحكم الارتباط (4) فيطلبون