هو الوقوع في الجهل المركب، والجهل البسيط خير من الجهل المركب; لأن الجهل المركب مرض يعجز أطباء النفوس عن معالجته (1)، ولمثل هذا يقال: عدم عمل المريض بمعالجة المتطبب الغير العارف أصلح له; إذ قد يداويه بما يوجب اشتداد مرضه وفساد قوته وفيه هلاكه.
(وعلموه إخوانكم) في الدين، فيه دلالة على أن التعليم واجب لظاهر الأمر، ويؤيده أن التعلم واجب، كما مر مرارا، والتعليم مثله لما سيجيء من أن الله تعالى لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال; لأن العلم كان قبل الجهل.
ويؤيده أيضا الروايات الدالة على الوعيد والتعذيب بكتمان العلم.
(كما علمكموه العلماء) يحتمل وجوها:
الأول: وجوب تعليمه كما سمعه من العلماء من غير تغيير وتحريف لئلا يزول العلم ولا يصير جهلا بالتغير والتحريف.
الثاني: وجوب رعاية الترتيب في التعليم، فيقدم تعليم الاعتقاديات الضرورية على تعليم العمليات; إذ لا ينفع العمل بالشرعيات إذا لم يكن العلم بالاعتقادات، كما يشير إليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع».
الثالث: وجوب رعاية آداب التعليم، وهي الرفق وعدم التضجر والغضب على المتعلم ورعاية حاله في الضبط والحفظ فلا يعلمه ما لا يقدر على ضبطه وحفظه; لأن ذلك يكل الطبيعة ويجمد القريحة ورعاية حاله في العمل، فإن عمل بما تعلمه علمه غيره وإلا فلا كما فعله علي بن الحسين (عليهما السلام) فيمن سأله وسيجئ ذكره في باب استعمال العلم.
الرابع: الزجر عن البخل بتعليمه للاخوان وبذله لهم كما لم يبخل العلماء بتعليمه وبذله لكم.
* الأصل:
3 - علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من علم خيرا فله مثل أجر من عمل به».
قلت: فإن علمه غيره يجري ذلك له؟
قال: «إن علمه الناس كلهم جرى له».
قلت: فإن مات؟ قال: «وإن مات».