التابعة للعترة (عليهم السلام) في الاصول والفروع، ولهم دعاء الملائكة وحملة العرش ودعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «رحم الله عبدا سمع حكما فوعى، ودعي إلى رشاد فدنا، وأخذ بحجزة هاد فنجا» (1)، وفيه دلالة على أنه لا بد للناس من استاذ مرشد عالم ليحصل به نجاتهم في مضائق سبيل الله وظلمات الطبائع البشرية، كما يحصل النجاة لمن سلك طريقا مظلما لم يعرف حدوده بسبب أخذ ذيل آخر عالم بحدوده. وبين أهل السلوك خلاف في أنه هل يضطر السالك إلى الشيخ العارف أم لا؟ وأكثرهم يرى وجوبه ويفهم ذلك من كلامه (عليه السلام)، وبه يتمسك الموجبون له. ويؤيده أيضا أن طريق المريد مع شيخه العارف بالله أقرب إلى الهداية وبدونه أقرب إلى الضلالة، فلذلك قال (عليه السلام): «فنجا» يعني أن النجاة معلقة به (2)، ودلائل الفريقين مذكورة في مصباح العارفين، ثم أعاد (عليه السلام) الذم على القسم الثاني وتبين بعده عن الحق بقوله:
(ثم هلك من ادعى) العلم والهداية ولا يكون عالما على هدى من الله ولا متعلما منه فضل لإضاعة الشرع وأضل لإعلان الباطل.
(وخاب من افترى) أي خاب عن الرحمة الإلهية والشفاعة النبوية من افترى الكذب على الله وعلى رسوله بادعائه العلم من الله مع عدم اتصافه به وإفتائه في الدين برأيه أو بقول جاهل آخر وإضلاله للناس ووجه الهلاك والخيبة أن الكون على الهداية في الدنيا والسلامة في الآخرة والفوز بالرحمة والشفاعة متوقف على العلم بالله وبرسوله والإقرار بجميع ما أنزل إليه وعدم الافتراء في الدين، وهم قد أعرضوا عن جميع ذلك وجعلوه وراء ظهورهم وأحدثوا دينا غير دين الحق فاستحقوا بذلك الهلاك والخيبة وأبطلوا استعدادهم للحياة الأبدية وفوزهم بالسعادة الاخروية.
وهذا الكلام يحتمل أن يكون إخبارا عن حالهم وسوء عاقبتهم، وأن يكون دعاء عليهم بالهلاك