ليمدحوهم ويثنوا عليهم ويدعوا لهم، وإما من باب التعجب في حسن هذه الأفعال وعظمة فاعلها وكثرة أجرها، ويحتمل أن يكون المراد أن الفاعل بسبب هذه الأفعال اتصل اتصالا معنويا بعالم المجردات (1)، والتحق بأهل ملكوت السماوات وسمي عظيما فيما بينهم بالنسبة إليهم; لاكتسابه هذه الصفات بالمجاهدات النفسانية، فما أعظم شأن فضيلة هذه الصفات حيث تجعل الإنسان السفلي أعظم من أهل الملكوت السماوي العلوي، ويحتمل أيضا أنه دعي في الآخرة عظيما بالتعبير عنها بملكوت السماوات، وهذا الاحتمال بناء على ما قيل من أن المراد بملكوت كل شيء باطنه، فإن لهذا العالم الحسي الشهادي صورة باطنة غيبية نسبتها إليه كنسبة الروح إلى البدن فهي أشرف من هذا العالم، وهي عالم الآخرة (2) عبر عنها بملكوت السماوات تسمية للشيء باسم أشرف أجزائه، فإن السماوات أشرف أجزاء هذا العالم الحسي، ثم هذا التعظيم على جميع الاحتمالات لأهل العلم العملي، ويستفاد منه التعظيم لأهل العلم الاعتقادي الإلهي بالأولوية، مع احتمال أن يراد بتعلم وعلم المعنى الشامل لهذين النوعين من العلم وذكر العمل لا ينافي هذه الإرادة لأنه معتبر في مطلق العلم باعتبار قسم منه، والله أعلم.
(٦٣)