سنان، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إذا حدثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله» ثم قال في بعض حديثه: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن القيل والقال، وفساد المال، وكثرة السؤال»، فقيل له: يا بن رسول الله، أين هذا من كتاب الله؟ قال: «فإن الله عز وجل يقول: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس)، وقال: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما)، وقال: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إذا حدثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله) أي فاسألوني عن موضعه ومأخذه من كتاب الله، وفيه تنبيه على أن كل شيء كان أو يكون أو كائن فهو في القرآن; لأنه برهان كل علم ودليل كل شيء ونور كل حق وصراط كل غائب وشاهد كل حكم وضياء كل صدق، فكل فعل لا يطابقه فهو باطل، وكل قول لا يوافقه فهو كاذب، وكل من تمسك برأيه فهو خاسر.
(ثم قال في بعض حديثه: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن القيل والقال) وهما إما فعلان ماضيان خاليان عن الضمير جاريان مجرى الأسماء مستحقان للإعراب وإدخال حرف التعريف عليهما، أو مصدران يقال: قلت قولا وقيلا وقالا وقالة، والمقصود أنه نهى [(عليه السلام)] عن فضول ما يتحدث به المتحدثون وزوائد ما يتكلم به المتجالسون مثل الخوض في أخبار الناس وحكاية أقوالهم وأفعالهم ونقل أحداث الزمان ووقائعها مما لا يجدي نفعا ولا يورث حكمة، فإن ذلك يوجب فساد القلب ورينه وميله إلى أمثال تلك المزخرفات، واشتغاله عن تعلم ما لا بد منه من العلوم الدينية، والمعارف اليقينية.
وقيل: القال الابتداء والقيل الجواب. وقيل: نهى عن كثر الكلام مبتدئا ومجيبا، وقيل: نهى عن الأقوال التي توقع الخصومة بين الناس بما يحكى لبعض عن بعض، وقيل: نهى عن المناظرة في العلم والمجادلة في البحث، فإن المناظرة لقصد الغلبة في العلم والمفاخرة بالفضل تورث النفاق والعداوة والأخلاق المهلكة والذنوب المردية والآفات الكثيرة، والأحسن التعميم وإرادة جميع هذه الامور فإن كلها مذموم عقلا ونقلا.
(وفساد المال) أي نهى عن فعل ما يوجب فساده مثل صرفه في غير الجهات المشروعة وترك