رسول الله (صلى الله عليه وآله): «رحم الله موسى بن عمران لوددت أن لو صبر ولو صبر لرأى عجائب كثيرة» (1)، وكذا لا تسألوا عن غير ذلك من منازلكم في الآخرة ومن أنسابكم وغيرهما مما لا يعنيكم وذلك نحو ما روي عن ابن عباس أنه (عليه السلام) كان يخطب ذات يوم غضبان من كثرة ما يسألون عنه مما لا يعنيهم فقال: «سلوني لا اسأل عن شيء إلا وأجبت» فقال رجل: أين أبي؟ فقال: في النار، وقال عبد الله بن حذافة وكان يطعن في نسبه ويدعى لغير أبيه: من أبي؟ قال: «أبوك حذافة بن قيس»، وقال آخر: من أبي؟ قال: «أبوك فلان الراعي» فنزلت الآية (2)، وقد أشار إليه سيد الوصيين أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «إن الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها وحد لكم حدودا فلا تعتدوها ونهاكم عن أشياء فلاتنتهكوها وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها» (3).
وقال بعض أصحابنا: يندرج في هذا النهي تكلم أكثر المتكلمين الذين يخوضون في البحث عن صفات الله وأفعاله وآياته وكلماته بمجرد اعتقاده ورأيه أو باتباعه من اشتهر في هذه الصنعة (4) فإن من أراد أن يعرف خواص أسرار المبدأ والمعاد بهذه الصيغة المسماة بعلم الكلام فهو في خطر عظيم; إذ طريق معرفة الله والسبيل إلى عجائب ملكوته وأسرار كتبه ورسله شيء آخر، ومن تمسك بغيره فهو في حجاب كثيف وخطر شديد.