شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٤
الثاني أن المضاف محذوف من جانب الاستثناء والتقدير إلا نجوى من أمر بصدقة.
الثالث: أن الاستثناء منقطع بمعنى ولكن من أمر بصدقة ففي نجواه الخير.
(وقال: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) نهى الأولياء عن أن يؤتوا السفهاء الذين لا رشد لهم أموالهم فينفقوها فيما لا ينبغي ويضيعوها ويفسدوها، وإنما أضاف الأموال إلى الأولياء لأنها في تصرفهم وتحت ولايتهم وهو الملائم للآيات المتقدمة والمتأخرة، وقيل: نهى كل أحد أن يعمد إلى ما خوله الله من المال فيعطي امرأته وأولاده ثم ينظر إلى أيديهم، وإنما سماهم سفهاء استخفافا بعقلهم واستهجانا لجعلهم قواما على أنفسهم وهو أوفق.
((التي جعل الله لكم قياما)) أي تقومون بها وتنتعشون بها، وعلى الأول يأول بأنها التي من جنس ما جعل الله لكم قياما، سمي ما به القيام قياما للمبالغة، كذا في تفسير القاضي واقتصر صاحب الكشاف على الأول. وبالجملة فيها نهي عن إفساد المال وإضاعته، سواء كان له أو لغيره.
وقال في الكشاف: وكان السلف يقولون: المال سلاح المؤمن، ولئن أترك مالا يحاسبني الله عليه خير من الاحتياج إلى الناس، وكانوا يقولون: اتجروا واكتسبوا فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه، وربما رأوا رجلا في جنازة فقالوا له: اذهب إلى دكانك.
(وقال: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)) الجملة الشرطية صفة لأشياء، والمعنى لا تسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن تكاليف شاقة عليكم إن حكم بها عليكم وكلفكم بها تغمكم وتشق عليكم وتندموا على السؤال عنها، وذلك نحو ما رواه العامة أنه لما نزل (ولله على الناس حج البيت) قال سراقة بن مالك: أكل عام؟ فأعرض عنه رسول الله (عليه السلام) حتى أعاد ثلاثا فقال: «لا، ويحك، ما يؤمنك أن أقول: نعم، والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ولو تركتم لكفرتم فاتركوني ما تركتكم» (1)، ونحو ما اتفق لبني إسرائيل في البقرة حيث سألوا عنها مرارا حتى ضيقوا على أنفسهم (2) وكذا لا تسألوا عن أسباب الامور التي لا تعلمون وجه صحتها ولا تنكروها كما وقع لموسى (عليه السلام) حيث سأل الخضر (عليه السلام) مرارا حتى استوجب ذلك المفارقة بينهما ومن طريق العامة قال

١ - أخرجه عبد بن حميد عن الحسن كما في الدر المنثور ج ٢، ص 55 و ص 335.
2 - هذا مما يستدل به على البراءة في الشبهات الحكمية مما يكون بيانه على عهدة الشارع، فإذا سكت عن حكم دل على عدم ذلك الحكم، وأما الشبهات الموضوعية التي ليس بيانها عليه فيستدل بأدلة اخرى، وبالجملة هذا من الشارح ينافي ما سبق منه من الحكم بالاحتياط فيما يحتمل الحرمة. (ش)
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست