شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٨
غير الحدود المتعلقة بالحقيقة الإنسانية; إذ يخرج الإنسان بسبب التعدي عن حدود الله عن حدود الحقيقة الإنسانية إلى حدود البهيمية والسبعية وغيرها.
* الأصل:
3 - علي، عن محمد، عن يونس، عن أبان، عن سليمان بن هارون قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما خلق الله حلالا ولا حراما إلا وله حد كحد الدار، فما كان من الطريق فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدار، حتى أرش الخدش فما سواه والجلدة ونصف الجلدة».
* الشرح:
(علي، عن محمد، عن يونس) المراد بعلي علي بن إبراهيم، وبمحمد: محمد بن عيسى، وفي بعض النسخ: «علي بن محمد، عن يونس»، قيل: هذا ليس بصحيح، فإن علي بن محمد الذي يجعله المصنف صدر السند لم يدرك يونس ولا روى عنه.
(عن أبان، عن سليمان بن هارون) وهو مشترك بين ثلاثة كلهم من أصحاب الصادق (عليه السلام) أحدهم الأزدي الكوفي، والثاني العجلي، وهو من أصحاب الباقر (عليه السلام) أيضا، والثالث النخعي. وقال في الخلاصة: إن النخعي ضعيف جدا.
(قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما خلق الله حلالا ولا حراما إلا وله حد) لأن الله تعالى عالم بحقائق الأشياء ومقاديرها وخصوصياتها ومنافعها ومضارها وبمصالح العباد، فجعل بعض تلك الأشياء المعلومة المعينة حلالا وبعضها حراما تكميلا لنظامهم وتتميما لمصالحهم وجعل على الحلال والحرام دليلا يدل عليه وحدا معينا لا يجوز التخطي عنه، وبين جميع ذلك لرسوله (صلى الله عليه وآله) وأمر الناس باتباعه والأخذ منه والسماع عنه ولم يجعل شيئا غير معين حلالا ولا حراما ولم يجعل تعيينه إلى آراء العباد كما ذهب إليه الفرق المبتدعة وقالوا: ليس لله تعالى حكم في الواقع وإنما الحكم ما استخرجه المجتهد برأيه.
وهذا باطل قطعا; لأنه يستلزم فساد النظام وتبدل الأحكام واختلاف الملل وفشو الجور بحسب اختلاف الآراء وتفاوت الأفهام، ويوجب أن يكون الشيء واجبا وحراما ومكروها ومباحا، ومن اعتقد به وذهب إليه فقد افترى على الله كذبا. قيل: وإنما قال: «خلق» ولم يقل: «جعل» للإشعار بأن حسن الأفعال وقبحها أمر ذاتي لها ليس بجعل جاعل، فالحلال حلال بالذات وله حد ذاتي والحرام حرام بالذات وله حد ذاتي، وإنما صنع الباري إيجاد الأشياء وإفاضة الوجود من دون تصييرها
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست