شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٦
أقول: يدل على ما ذهب إليه هذا الفاضل ما سيجئ في باب الاضطرار إلى الحجة عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال: جعلت فداك، إني سمعت تنهى عن الكلام وتقول:
ويل لأصحاب الكلام يقولون: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق وهذا نعقله وهذا لا نعقله فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنما قلت ويل لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون» ولكن اندراجه في القيل والقال أولى وأنسب.
* الأصل:
6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عمن حدثه، عن المعلى بن خنيس قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون) كان وجها في أصحابنا قارئا فقيها نحويا، وكان كثير العمل والعبادة والزهد، وكان فاضلا متقدما معدودا في العلماء والفقهاء الأجلة في هذه العصابة ثقة.
(عمن حدثه، عن المعلى بن خنيس قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من أمر يختلف فيه اثنان) سواء كان ذلك الأمر من اصول العقائد أو فروعها أو غير ذلك من الحالات الجزئية التي يحتاجون إليها في التمدن والتعيش والتكاسب والتعامل.
(إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل) لأن الكتاب أصل لجميع المعارف والحقائق وفيه علم منافع الدنيا والآخرة ومضارهما وعلم كل كائن فما من حكم كلي وجزئي إلا وهو أصله ومبتدؤه وغايته ومنتهاه.
(ولكن لا تبلغه عقول الرجال) أي عقول أكثرهم أو بدون إلهام إلهي وتعليم نبوي وليس ذلك لنقصان الكتاب في الدلالة عليه; لأن الكتاب نور لا يطفى بلجه (1) ومنهج لا يطمس نهجه، بل لقصور عقولهم ونقصان أفهامهم وضعف أذهانهم بحيث لا يدركون من بحر القرآن إلا ظاهره وهم عن إدراك ما في قعره قاصرون ولا يسمعون من تموجه إلا صوتا وهم عن سماع نداء معالمه غافلون فلا يجوز لهم إذ كانوا من وراء الحجاب أن ينظروا إلى الآيات ويعمدوا فيها إلى التأويلات

1 - بلجه أي ضؤوه وتبلج الصبح وانبلج أي أشرق.
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست