شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٩
وجعلها إياها; إذ الذاتي للشيء لا يعلل (1).
(كحد الدار، فما كان من الطريق فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدار) تشبيه معقول بمحسوس لزيادة الايضاح والتقرير، يعني أن الله سبحانه بنى لعباده مدينة الشرع، وبين حدودها وعين طريقها وليس لأحد تغيير تلك الحدود والدخول فيها من غير هذا الطريق، وفيه إيماء إلى قوله (صلى الله عليه وآله): «أنا مدينة العلم وعلي بابها» (2)، كما أن صاحب الدار بين حدودها وعين طريقها وليس لأحد غيره تغيير تلك الحدود والدخول فيها من غير طريقها كما قال عز شأنه: (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها... وأتوا البيوت من أبوابها).
لا يقال: حمل الطريق والدار على الموصول غير مفيد لظهور أن الطريق طريق والدار دار.
لأنا نقول: المقصود أن ما كان مأخوذا للطريق ينبغي أن يكون طريقا مستطرقا ولاغيره وما كان مأخوذا للدار والسكنى ينبغي أن يكون كذلك لا غيره، وفيه رد على من تصرف في الشرع بعقله من جهة القياس أو الترجيح أو الاستحسان أو غير ذلك، فإن ذلك التصرف يوجب تغيير الحدود ويجعل الحلال حراما والحرام حلالا، ثم أكد (عليه السلام) ما هو بصدده من أنه سبحانه بين جميع الأحكام وعين حدودها بذكر بعض الأحكام الصغار.
(حتى أرش الخدش) الأرش دية الجراحات، والجمع اروش، مثل فرش وفروش، والخدش مصدر، خدش وجهه إذا ظفره فأدماه، أو لم يدمه، ثم سمي به الأثر، ولهذا يجمع على خدوش.
(فما سواه) عطف على الخدش أي حتى أرش ما سوى الخدش مما هو دونه أو فوقه.
(والجلدة ونصف الجلدة) عطف على أرش الخدش والجلد والجلدة بفتح الجيم وسكون اللام ضرب الجلد بكسر الجيم، يقال: جلده الحد أي ضربه وأصابه جلدة، وفيه مبالغة على أن الله تعالى بين جميع ما يحتاج إليه العباد في الكتاب ولكن الكتاب بحر عميق ولا يدرك ما في قعره إلا الغواصون في بحار المعرفة.
* الأصل:
4 - علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «ما من شيء إلا وفيه كتاب أو سنة».

١ - إشارة إلى ما قاله أهل المعقول من أن المجعول هو الماهية لا الوجود كما قال الرئيس: ما جعل الله المشمشة مشمشة بل أوجدها. (ش) ٢ - أخرجه العقيلي وابن عدي والطبراني في المسند الكبير والحاكم في المستدرك ج ٣، ص 126 من حديث ابن عباس وجابر بن عبد الله.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست