شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٤
«ضل علم ابن شبرمة عند الجامعة إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام) بيده إن الجامعة لم تدع لأحد كلاما، فيها علم الحلال والحرام، إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحق إلا بعدا، إن دين الله لا يصاب بالقياس».
* الشرح:
(عنه، عن محمد، عن يونس، عن أبان، عن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ضل علم ابن شبرمة عند الجامعة) سمي الحاصل بالقياس علما إما لأنه علم بالمعنى الأعم، أو لأنه علم بزعمه، وإلا فهو جهل مركب، والجهل المركب من أخس أنواع الجهل، يعني ضاع وهلك علمه عند الصحيفة الجامعة ولم يوجد فيها، وهذا كناية عن بطلان علمه; لأن ما لم يوجد فيها كان باطلا، وابن شبرمة كوفي، وكان قاضيا في سواد الكوفة للمنصور الدوانيقي، وكان يعمل بالقياس.
(إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)) في الصحاح: أمليت الكتاب املي وأمللته امله، لغتان جيدتان جاء بهما القرآن. وفي المغرب: الإملاء على الكاتب أصله إملال فقلب.
(وخط علي (عليه السلام) بيده إن الجامعة لم تدع لأحد كلاما) حتى يقول برأيه واستحسانه في الشرع.
(فيها علم الحلال والحرام) لم تترك شيئا مما تحتاج إليه الامة إلى يوم القيامة، وقد ذكر للجامعة أربعة أوصاف للتنبيه على أن كل حكم لم يوجد فيها باطل افتراء على الله تعالى، وهذه الجامعة الآن عند صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين، وستجيء (1) رواية المصنف بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يا أبا محمد، إن عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟ قال: قلت: جعلت فداك، وما الجامعة؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعا (2) بذراع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإملائه من فلق فيه (3) وخط علي (عليه السلام) بيمينه فيها كل حلال وحرام وكل ما يحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش وضرب بيده إلي فقال: تأذن لي يا أبا محمد؟ قال: قلت:
جعلت فداك، إنما أنا لك فاصنع ما شئت، قال: فغمزني بيده وقال: حتى أرش هذا». الحديث

١ - في كتاب الحجة - باب ذكر الصحيفة والجفر والجامعة، تحت رقم ١.
٢ - هذا التقدير باعتبار أن أكثر الكتب في تلك الأزمنة كانت في قرطاس طويل يطوى طيا، كما في عهدنا في بعض الأدعية المجموعة، وكانت الصحيفة السجادية كذلك على ما يدل عليه مقدمتها.
فإن قيل: سبعون ذراعا ليس كثيرا بالنسبة إلى جميع المسائل التي يسئل عنها، فإن الكتب المتداولة في زماننا بالقطع المعروف بالرحلي كل مائة صفحة منها يسع ما تسع الصحيفة المقدرة بسبعين.
قلنا: على فرض صحة الحديث يحمل العدد على المقدار الوافي الكامل مثل قوله تعالى: (إن تستغفر لهم سبعين مرة). (ش) 3 - أي أمره (صلى الله عليه وآله) شفاها وكتبه أمير المؤمنين (عليه السلام).
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست