وترجيح الأول بتحقق حكم الأصل في الفرع باطل; إذ لا طريق للعقول الناقصة إلى معرفة علل الأحكام الشرعية والمصالح الدينية ولو علم خصوص العلة فكونها مؤثرة بالاستقلال أو باشتراك خصوصية الأصل متساويان، وترجيح أحدهما على الآخر أشد من خرط القتاد (1).
(ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث أحل وحرم فيما لا يعلم) حيث تعليل للمضادة وبيان لها; لأن من أحل وحرم في دين الله بمجرد هواه من غير علم فقد ضاد الله ونازعه في دينه فأحل ما حرم الله وحرم ما أحل الله، وينتج هاتان المقدمتان أن من أفتى الناس برأيه فقد ضاد الله بوضعه دينا آخر مخالفا لدين الله تعالى.
* الأصل:
18 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الحسين بن مياح، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن إبليس قاس نفسه بآدم فقال: خلقتني من نار وخلقته من طين، ولو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم (عليه السلام) بالنار كان ذلك أكثر نورا وضياء من النار».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الحسين بن مياح) بفتح الميم وتشديد الياء المثناة من تحت والحاء المهملة أخيرا.
(عن أبيه) هو وابنه ضعيفان غاليان في مذهبهما، قيل في بعض النسخ: الحسين بن جناح، عن أبيه، وهو جناح بن رزين بالجيم والنون من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام)، ذكره الشيخ في كتاب الرجال.
(عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن إبليس) أبلس من رحمة الله أي يئس، ومنه سمي إبليس، وكان اسمه عزازيل.
(قاس نفسه بآدم فقال: خلقتني من نار وخلقته من طين، ولو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم (عليه السلام) بالنار كان ذلك أكثر نورا وضياء من النار) خالف إبليس النص الصريح حيث أمره الله تعالى بالسجود لآدم وعارضه بالقياس فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، يعني أن النار المضيئة أشرف من الطين المظلم، فأنا أشرف وأفضل من آدم لأن تكوني من النار وتكونه من الطين (2)، والأشرف كيف يسجد للأخس؟ والأفضل كيف يخدم المفضول؟ بل العكس أولى،