طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
(إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحق إلا بعدا) المراد بالحق حكم الله تعالى في كل قضية، والقائس لعدم علمه به بعيد عنه ولاعتقاده بخلافه على مقتضى رأيه وتخمينه يزداد بعده عنه، أو المراد به هو الله تعالى والقائس لعدم تمسكه بما جعله الله تعالى دليلا على أحكامه بعيد عنه بالمخالفة ولتمسكه برأيه وتخمينه المفضي إلى خلاف حكم الله تعالى يزداد بعده عنه بالمضادة.
(إن دين الله لا يصاب بالقياس) لأن بناء القياس على جميع المتماثلات في الحكم وتفريق المتباينات فيه وفي الدين كثير من المتماثلات مختلفة في الأحكام وكثير من المتباينات مشتركة فيها، وأيضا جعل الله تعالى لدينه أعلاما وهداة بهم يهتدي الناس إليه، فمن تخلف عنهم وتمسك بعقله ورأيه يجره الرأي إلى دين الشيطان لخفاء دين الله وضيق مسالكه ولو أصابه نادرا لا يستحق الأجر ولا يكون آخذا بالدين في الحقيقة كما أن اليهود والنصارى لو أصابوا ما يوافق هذا الدين لا يستحقون الأجر ولا يكونون آخذين به.
* الأصل:
15 - محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن السنة لا تقاس، ألا ترى أن المرأة تقضي صومها ولا تقضي صلاتها؟ يا أبان، إن السنة إذا قيست محق الدين».
* الشرح:
(محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن السنة لا تقاس) أي الشريعة النبوية لا يجوز أن يقع فيها القياس، ولا تعرف به، وإنما تعرف بالرجوع إلى أهلها وأخذها منه.
(ألا ترى أن المرأة تقضي صومها ولا تقضي صلواتها؟) هذا دليل واضح ومؤيد شاف على بطلان القياس; إذ لو جاز القياس لاقتضى أن تقضي صلاتها كما تقضي صومها لاشتراكهما في كونهما عبادة فاتت عنها في وقت الأداء المانع مع أن الصلاة أفضل من الصوم، فقضاؤه يقتضي بالنظر إلى القوانين القياسية قضاءها بالطريق الأولى، وهذا دل على بطلان قول من قال: القياس بالأولوية حجة. وروى المصنف في كتاب الحيض عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن الحسن ابن راشد قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الحائض تقضي الصلاة؟ قال: «لا»، قلت: تقضي الصوم؟ قال: نعم»، قلت: من أين جاء هذا؟ قال: «إن أول من قاس إبليس»، والمقصود من هذا