التأييد بيان أن المتماثلات قد تكون مختلفة في الحكم وإذا ثبت هذا فكيف تحصل لمن قال بالقياس علم باتحادها في الحكم بمجرد التماثل؟
(يا أبان، إن السنة إذا قيست محق الدين) محق على البناء للمفعول من المحق بمعنى الإبطال يقال:
محقه يمحقه إذا أبطله، أو على البناء للفاعل من المحق بمعنى النقص والذهاب. وفي المغرب: المحق النقص وذهاب البركة، وقيل: هو أن يذهب الشيء كله حتى لا يرى منه أثر، ووجه كون القياس موجبا لمحق الدين ظاهر; لأن القائسين من عند أنفسهم يحدثون فيه أحكاما لمناسبات ومشابهات ظاهرة يجدونها وتلك المناسبات والمشابهات مختلفة بحسب اختلاف عقولهم وآرائهم فلا محالة تختلف تلك الأحكام القياسية ويخالف بعضها بعضا ويخالف جميعها الأحكام الإلهية ويورث ذلك تحريم ما حلل الله وتحليل ما حرم الله وإدخال ما ليس من الدين فيه وإخراج ما هو فيه عنه، ويستلزم ذلك حدوث دين آخر وبطلان دين الله.
* الأصل:
16 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن القياس؟ فقال: «ما لكم والقياس؟ إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم».
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن القياس) هل يجوز استعماله في الشرع أم لا؟
(فقال: ما لكم والقياس؟) أي ما تصنعون مع القياس؟ ولا يجوز لكم استعماله.
(إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم) أراد أن الله سبحانه وضع على عباده أحكاما من الحلال والحرام حسبما يراه لأسباب ومصالح وغايات أكثرها مخفية على عقول العباد والواجب عليهم هو إطاعته بالتزام تلك الأحكام والتلقي بقبولها والسماع من أهلها وليس لهم السؤال عن لميتها وكيفية أسبابها وتفاصيلها وطلب ذلك موضوع عنهم; لأنه لا يعرف عللها وأسبابها على تفاصيلها إلا هو ومن استضاء قلبه بنور النبوة والولاية، وأما أصحاب العقول الناقصة فهم معزولون عن معرفتها والإحاطة بها على أنهم لو عرفوا بعضها بالنص أو غيره لم يجز لهم التجاوز عن محله (1) وإجراء