الحسن يمينا وشمالا، فوالله ما يوجد العلم إلا هاهنا».
* الشرح:
(الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول وعنده رجل من أهل البصرة يقال له: عثمان الأعمى، وهو يقول: إن الحسن البصري) قال المازري: اسم ام الحسن خيرة وكانت مولاة لام سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) روى عنها ابنها الحسن.
(يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار) ذهب الحسن إلى أنه يجب على كل عالم إظهار كل علم على كل أحد في كل زمان وكأنه ادعى أن العلم منحصر فيما هو المشهور بين الناس وأن كل من ادعى أن عنده علما غير ذلك فهو كاذب أو تمسك بظاهر قوله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزل الله)، وبما روي عنه (صلى الله عليه وآله): «من علم علما فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من النار» (1).
(فقال أبو جعفر (عليه السلام): فهلك إذن مؤمن آل فرعون) لأنه كتم إيمانه بالله وبرسوله من فرعون وأتباعه مدة طويلة خوفا منهم كما قال سبحانه: (وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله)، والإيمان من أعظم أبواب العلم واصول العقائد ثم استأنف كلاما لإثبات كتمانه على وجه العموم ردا لما زعمه فقال:
(ما زال العلم) أي العلم المتعلق بالامور الدينية، أو العلم المتعلق بالحوادث اليومية، أو العلم المتعلق بالأسرار الإلهية الذي أنزله إلى اولي العزم ولم يأذن لهم إظهاره بين الناس.
(مكتوما منذ بعث الله نوحا (عليه السلام)) لعدم مصلحة في إظهاره، أو لعدم استعداد الناس لفهمه، أو لشدة التقية وكثرة العدو وفشو الإنكار والأذى، وقد كتمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أول البعثة حتى كان يعبد الله مختفيا ولا يظهر علمه وحكمته إلا على من أخذ منه موثقا بل في آخر عمره الشريف حتى أخذ من الله تعالى العصمة من الناس، وقد كتمه أمير المؤمنين (عليه السلام) كما قال: «إن هاهنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلما جما ولو وجدت له حملة»، وقد روي عنه (عليه السلام) أنه قال: «لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها» (2)، وقال أيضا: «لا تعلقوا الجواهر في أعناق الخنازير» (3)، وقال أيضا: «نحن معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم» (4)، وقال أيضا: «ما أحد يحدث الناس بحديث لا تبلغه