عقولهم إلا كان فتنة على بعضهم» (1)، وقد كان موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام قبل البعثة مؤمنا بالله تعالى وبصفاته وباليوم الآخر ولم يظهره على أهل الباطل وكلام المتقدمين من الحكماء في باب التعليم أيضا صريح في الكتمان (2).
وبالجملة الاعتبار ومشاهدة السير والآثار ومطالعة القرآن والأخبار الواردة من طرق العامة والخاصة شواهد صدق على بطلان ما زعمه الحسن وضعف حاله وقلة معرفته وقع فيما وقع لاتكاله بعقله وعدم أخذ العلم من أهله.
(فليذهب الحسن يمينا وشمالا) لطلب العلم من الناس، فإن ذلك لا ينفعه أصلا ولا يورثه إلا حيرة وضلالا لعدوله عن الصراط المستقيم ورجوعه إلى من لا يعلم الأسرار الإلهية والشرائع النبوية، ثم بين ذلك الصراط، وحصر طريق أخذ العلم في غير ما سلكه على وجه المبالغة والتأكيد بقوله:
(فوالله ما يوجد العلم إلا هاهنا) أشار به إلى صدره اللطيف أو إلى مكانه الشريف أو إلى بيت النبوة ومعدن الخلافة والإمامة، لأن فيهم كرائم الإيمان، وعندهم كنوز الرحمن، ولديهم تفسير الأحاديث والقرآن وهم شعار الرسالة والنبوة، وخزان العلوم والمعرفة، وبيوت الفضائل والحكمة، قد خصهم الله سبحانه بالنعمة الجزيلة، وكرمهم بالمقامات العالية الشريفة، وجعلهم هداة الأرواح في عالم الطبائع البشرية كما يرشد إليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) خطابا لمعاوية: «فدع عنك ما مالت به الرمية فإنا صنائع ربنا والناس صنائع لنا» (3)، ومراده (عليه السلام): أن من طلب العلم والحكمة وأسرار الشريعة فليرجع إلينا وليسأله عنا (4)، فإنا موارده والناس بتعليمنا يعلمون وبهدايتنا يهتدون.