شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص؟ قال: «إن كنت تريد معانيه فلا بأس».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص؟) عند روايته ونقله بين الناس.
(قال: إن كنت تريد معانيه فلا بأس) هذا الحديث الصحيح حجة لمن قال بجواز نقل الحديث بالمعنى، ووضع أحد المترادفين موضع الآخر (1) مطلقا، سواء كانا من لغة واحدة أو لا، وله شروط:
الأول: أن يكون الناقل عالما بالعربية عارفا بفنونها وآثارها.
الثاني: أن يكون البدل مفيدا لمعنى المبدل منه بلا زيادة ولا نقصان.
الثالث: مساواتهما في الجلاء والخفاء; لأن الشارع مخاطب بالمحكم والمتشابه لأسرار لا يعلمها إلا هو فلا يجوز تغييرها عن وضعها (2)، وقوله (عليه السلام): «إن كنت تريد معانيه فلا بأس» إشارة إلى

١ - وضع أحد المترادفين موضع الآخر ليس من نقل الحديث بالمعنى الذي اختلفوا فيه بل هو مما جوزه المانعون أيضا. قال العلامة في النهاية: والمانعون جوزوا إبدال اللفظ بمرادفه ومساويه في المعنى كما يبدل القعود بالجلوس والعلم بالمعرفة والاستطاعة بالقدرة والحظر بالتحريم. وبالجملة ما لا يتطرق إليه تفاوت في الاستنباط والفهم، انتهى.
فعلم منه أن الفروق الدقيقة التي يدعيها بعض الناس بين الجلوس والقعود والعلم والمعرفة وأمثالها ليست مما يخرج اللفظ عن الترادف ويمنعه المانعون، بل يجوز مثل هذا التغيير على كل حال حتى عند من منع النقل بالمعنى. (ش) 2 - قال العلامة (رحمه الله) في نهاية الاصول: اختلف الناس في أنه هل يجوز نقل الحديث المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) بالمعنى؟ فجوزه الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأحمد والحسن البصري وأكثر الفقهاء، وخالف فيه ابن سيرين وبعض المحدثين والمجوزين شرطوا امورا ثلاثة:
الأول: أن لا تكون الترجمة قاصرة عن الأصل في إفادة المعنى.
الثاني: أن لا يكون فيها زيادة ولا نقصان.
الثالث: أن تكون الترجمة مساوية للأصل في الجلاء والخفاء; لأن الخطاب قد يقع بالمحكم والمتشابه لحكمة خفية فلا يجوز تغييرها عن وصفها، انتهى ما أردنا نقله ليظهر به معنى كلام الشارح; إذ لا يخلو عن إبهام، وربما يتبادر إلى الذهن أن الشارح من المانعين وإن لهج بالجواز; لأن النقل بالشروط التي ذكرها الشارح مما يجوزه المانعون أيضا بخلاف الشروط التي ذكرها العلامة (رحمه الله) فإنها راجعة إلى حفظ حاصل المضمون وأصل معنى الحديث وشروط الشارح يدل على حفظ معنى كل كلمة منه وبينهما فرق عظيم. (ش)
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست