شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٦
بالأسرار الإلهية والأحكام الربانية وتنوير القلب الإشراقات اللاهوتية والمكاشفات الملكوتية ثم سلوك طريق العمل بنور الهداية والاجتناب عن سبيل الضلالة والغواية والجاهل بمعزل عن هذا المرام وبعيد عن هذا المقام. وفي كلام الحكماء المتقدمين والمتأخرين أيضا دلالة على أن الشرف والتقدم للعالم.
قال أفلاطون: المستحقون للتقديم هم العارفون بالنواميس الإلهية وأصحاب القوى العظيمة الفائقة. وقال أرسطاطاليس: المستحقون للتقديم هم الذين عناية الله بهم أكثر.
وقال المحقق الطوسي: كل اثنين بينهما اشتراك في علم واحد وأحدهما أكمل فيه من الآخر فهو رئيس له ومقدم عليه، وينبغي للآخر الإطاعة والانقياد له ليتوجه إلى كمال لائق به، وهكذا يتدرجون إلى أن ينتهوا إلى شخص هو المطاع المطلق، ومقتدى الامم كلهم بالاستحقاق والملك على الإطلاق ولا نعني بالملك في هذا المقام من له خيل وحشم وتصرف في البلاد واستيلاء على العباد بل نعني أنه المستحق للملك في الحقيقة وإن لم يلتفت إليه أحد بحسب الظاهر، وإذا تقدم عليه غيره كان غاصبا جائرا ويوجب ذلك فشو الجور في العالم وفساد نظامه.
* الأصل:
14 - الحسين بن الحسن، عن محمد بن زكريا الغلابي، عن ابن عائشة البصري رفعه أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في بعض خطبه: «أيها الناس، اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه، الناس أبناء ما يحسنون وقدر كل امرئ ما يحسن فتكلموا في العلم تبين أقداركم».
* الشرح:
(الحسين بن الحسن) الظاهر أنه أبو عبد الله الرازي الحسني الأسود الفاضل.
(عن محمد بن زكريا الغلابي) مولى بني غلاب بالغين المعجمة واللام المخففة والباء الموحدة، وبنو غلاب قبيلة بالبصرة. وكان وجها من وجوه أصحابنا وكان خيارا واسع العلم له كتب كثيرة.
(عن ابن عائشة البصري رفعه أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في بعض خطبه: أيها الناس، اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه) أزعجه أي أقلعه من مكانه وانزعج بنفسه، ومنه ما روي من طرق العامة عن أنس قال: «رأيت عمر يزعج أبا بكر إزعاجا يوم السقيفة» أي يقيمه ويقلعه عن مكانه ولا يدعه يستقر حتى بايعه. والعاقل من يضع الأشياء في مواضعها ويعلم عاقبة الامور ومبادئها ومنافعها ومضارها، فلا محالة يتحمل الصبر على النوائب والسكون في المصائب ولا يضطرب من قول الزور والكذب فيه، ولا يجزع من الافتراء عليه وإن كان ذلك بلية عظيمة لعلمه
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست