هذه الشروط كلها مع ما فيه من الإيماء إلى أن المقصود الأصلي من اللفظ إنما هو المعنى واللفظ آلة لا حضارة فبأي آلة حصل الإحضار حصل المقصود، ألا ترى أن مفاد قولنا: رأيت إنسانا يضرب أسدا ورأيت بشرا يضرب ليثا (1)، و «ديدم آدمي را كه ميزد شير را» واحد من غير تفاوت، فقد دل العقل والنقل على جوازه وإن كان نقله باللفظ المسموع أولى وأحوط حفظا للحديث وصونا عن شائبة التغيير. وهنا مذاهب اخر:
أحدها: جوازه مطلقا; لأن صحة الضم قد يكون من عوارض الألفاظ، ألا ترى أنه يصح أن تقول:
مررت بصاحب زيد ولا يصح أن تقول: مررت بذي زيد مع أن «ذو» مرادفة لصاحب. والجواب:
أن هنا مانعا بحسب القاعدة العربية فإن «ذو» لا يضاف إلى معرفة، والكلام فيما لا مانع فيه.
وثانيها: الجواز في لغة واحدة لا في لغات مختلفة، وإلا لجاز «خدا أكبر» بدل «الله أكبر»، واللازم باطل قطعا. والجواب: منع الملازمة إن اريد بها تكبيرة الإحرام; لأن الشارع عين لها لفظا خاصا لا يجوز العدول عنه شرعا، ومنع بطلان اللازم إن اريد بها غيرها.
وثالثها: الجواز في غير الأحاديث النبوية لا فيها; لأن في تراكيبها أسرارا ودقائق لا تعرف إلا بتلك الهيات التركيبية وقوله (صلى الله عليه وآله): «نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» (2)، والحق أنه لا فرق بين الأحاديث النبوية وأحاديث الأئمة (عليهم السلام) وأن رواية اللفظ المسموع أولى وأفضل.
* الأصل:
3 - وعنه، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
إني أسمع الكلام منك فاريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجي، قال: «فتعمد ذلك؟» قلت: لا، فقال: «تريد المعاني؟»، قلت: نعم، قال: «فلا بأس».