شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٠٣
والصبر والشكر والتوكل والرضا إلى غير ذلك من محاسن الأخلاق التي نطقت بها الشرائع النبوية.
(والرابع أن تعرف ما يخرجك من دينك) مثل التهور والشره والغضب والحسد والكفر بالله وبرسوله وأئمته وملائكته وكتبه ورسله وإنكار الصلاة والزكاة والصوم والحج إلى غير ذلك من رذائل الصفات والأخلاق ومقابح العقائد والأعمال. وملخص القول في هذا الحديث: أن الإنسان في أول نشوئه إلى نهاية عمره سائر إلى الله تعالى فوجب عليه أن يعرفه أولا لأنه المقصد في هذا المسير وأن يعرف ما صنع به; لأن تلك المعرفة تبعثه على زيادة الرجاء والشوق إليه وأن يعرف ما يعينه في طريقه وينفعه عند الوصول إلى مقصده ويوجب القرب منه ليحمله معه وأن يعرف ما يضله عن طريقه ويضره عند الوصول إلى الغاية ويوجب البعد من المقصد ليرفضه عن نفسه لكن بتوسط استاذ مرشد وعالم مسدد وإمام مؤيد من عند الله تعالى; لأن العقول الناقصة لا تستقل بمعرفة الرب وصفاته وقوانين الشرع (1) بدون الرجوع إلى الشارع ومن نصبه، ولذلك أخطأ كثير من العلماء المتكلين على عقولهم فيها فضلوا وأضلوا كثيرا وأوردوا قومهم دار البوار جهنم وساءت مصيرا.
* الأصل:
12 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما حق الله على خلقه؟ فقال: «أن يقولوا ما يعلمون، ويكفوا عما لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا إلى الله حقه».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما حق الله على خلقه؟) أراد بحق الله ما يوجب الإقبال عليه من الأعمال النافعة في الآخرة، ونقيضه الباطل وهو ما يوجب الالتفات عنه إلى غيره مما يضر فيها لظهور أن الالتفات عنه إلى غيره مستلزم للنقصان الموجب للتخلف عن السابقين والهوي في درك الهالكين وذلك محض المضرة، فلذلك قصد السائل التميز بينهما ليتمسك بما ينفعه ويجتنب عما يضره، ويحتمل أن يراد بالحق هنا ما في قوله تعالى: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق).

١ - الجمع بين كلامه هنا وما سبق من تعظيم مقام العقل والأمر بالاتكال عليه أن العقل حجة من حجج الرحمن ولكن ليس مستغنيا عن التعلم، وكما يحتاج المهندس إلى قراءة كتاب أقليدس ولا يمكن أن يتنبه لما فيه بفطنته كذلك يحتاج العالم الروحاني والحكيم الإلهي إلى الرجوع إلى الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ليهتدي عقله في اصول المعارف إلى الحق وإن كان يأخذ عنهم الفروع تعبدا. (ش)
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست