الأعمال ومنافعها ومنافع الآخرة والعامل لها على وجه البصيرة مع الخوف والخشية (1)، والمقصود أنه يحشره في زمرة الفقهاء وينزله في مرتبتهم ويثيبه بمثابتهم من غير تفاوت، والمقصود أنه معدود يوم الحشر من جملة الفقهاء والعلماء وإن كان بينهم تفاوت في الدرجات باعتبار التفاوت في الحالات (2) ومضمون هذا الحديث مستفيض مشهور بين الخاصة والعامة (3)، بل قال بعض أصحابنا بتواتره ونقله ابن بابويه في الخصال بطرق متعددة متكثرة مع اختلاف يسير في اللفظ والأحاديث المذكورة في هذه الرواية التي يترتب على حفظها الجزاء المذكور وإن كانت مطلقة شاملة لما يتعلق بالامور الدينية مثل الاعتقادات والعبادات والأخلاق وما يتعلق بالامور الدنيوية كسعة الرزق والأطعمة والأشربة ونحوها، لكن المراد بها هو القسم الأول لتقييدها في بعض الروايات بما يحتاجون إليه في أمر دينهم مثل ما رواه الصدوق في الخصال عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن علي بن إسماعيل، عن عبيد الله بن عبد الله، عن موسى بن إبراهيم المروزي، عن الكاظم موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من حفظ على امتي أربعين حديثا فيما يحتاجون إليه في أمر دينهم بعثه الله عز وجل يوم القيامة فقيها عالما».
والقاعدة تقتضي حمل المطلق على المقيد، وإبقاء المطلق على إطلاقه أيضا محتمل، والمراد بحفظها ضبطها وحراستها عن الاندراس ونقلها بين الناس والتفكر في معناها والتدبر في مغزاها، والعمل بمقتضاها، سواء حفظها عن ظهر القلب ونقشها في لوح الخاطر أو كتبها ورسمها في الكتاب والدفاتر، وقال بعض الأصحاب: الظاهر أن المراد بحفظها الحفظ عن ظهر القلب فإنه كان متعارفا معهودا في الصدر السالف; إذ مدارهم كان على النقش في الخاطر لا على الرسم في الدفاتر.
وفيه: أن الحفظ أعم من ذلك والتخصيص بلا مخصص وما ذكره للتخصيص ممنوع; إذ كتب الحديث في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) (4) وعهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن بعده من الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) معروف