شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٨٧
دار المقامة وعذاب يوم القيامة لعلمه بأنه لا ينجو أحد من عذابه إلا بفضل رحمته ولا علم له بأن الرحمة تدركه قطعا.
(داعيا) متضرعا طالبا لقبول عمله وحسن عاقبته ومغفرة ذنوبه ودخوله في سلسلة الصالحين وزمرة المقربين.
(مشفقا) مع ذلك من عدم استجابته لعلمه بأن الدعاء أيضا من جملة الأعمال التي لا يقبل إلا الصالح منها، ولا علم له بقبوله ورده، أو من اشتغال قلبه بغيره سبحانه طرفة عين من أجل تدليسات الشيطان ووساوسه.
(مقبلا على شأنه) أي على إصلاح حاله وتهذيب ظاهره وباطنه عن الأعمال الذميمة والأخلاق الرذيلة وتزينهما بالأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة.
(عارفا بأهل زمانه) بأحوالهم وصفاتهم وأعمالهم وعقائدهم وأغراضهم الباعثة لهم إلى حركاتهم يعرف بعضها بالمكاشفة القلبية وبعضها بالمشاهدة العينية.
(مستوحشا من أوثق إخوانه) لعلمه بأن المرضى من الناس من كل وجه عزيز الوجود، وإن مجالستهم ومخالطتهم تميت القلب وتفسد الدين، ويحصل للنفس بسببها ملكات مهلكة مؤدية إلى الخسران المبين، فيختار الوحشة منهم والاعتزال عنهم لئلا ينخدع طبعه من طبعهم كما ورد «فر من الناس فرارك من الأسد».
(فشد الله من هذا أركانه) أي فثبت الله تعالى وأحكم غاية الإحكام من هذا العالم الذي هو صاحب الفقه والعقل جميع أركانه الظاهرة والباطنة في العلم والعمل ووفقه للوصول إلى نهاية مقاصده بإفاضة غاية كمال قوتيه النظرية والعملية.
(وأعطاه يوم القيامة أمانه) من شر ذلك اليوم وأهواله، ولما كان هذا العالم عاملا في الدنيا للآخرة استحق خير الدنيا والآخرة فلذلك دعا (عليه السلام) له بنيله خيرهما جميعا، بخلاف الأولين فإنهما استحقا الذلة والفناء، فقد دعا (عليه السلام) لكل صنف ما يليق به ويستحقه.
* الأصل:
وحدثني به محمد بن محمود أبو عبد الله القزويني، عن عدة من أصحابنا منهم جعفر بن محمد (1) الصيقل بقزوين، عن أحمد بن عيسى العلوي، عن عباد بن صهيب البصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

1 - و (2) في أكثر النسخ: جعفر بن أحمد.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست