شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٩٠
(يحزنهم حفظ الرواية) يخزيهم بالخاء والزاي المعجمتين من أخزاه إذا أذله وأهانه، يعني أن حفظ الرواية فقط وترك الرعاية والتفكر والعمل يوجب خزيهم ووبالهم ويورث هوانهم ونكالهم وقت الموت ويوم القيامة لعلمهم حينئذ بأن النافع فيه والسبب للنجاة من شدائده هو رعاية ما في الكتاب والتفكر فيه والعمل بمقتضاه لا مجرد الرواية فيخزيهم حفظ الرواية من أجل أنهم صاروا من أهل الكتاب ورواته ونقلة ألفاظه وعباراته مع ترك رعايته والتفكر فيه والعمل به.
وفي بعض النسخ «يحزنهم» بالحاء المهملة والزاي المعجمة (1) والنون، وحزنه أو أحزنه، وفي هذه النسخة وقع لفظ «الرعاية» بدل «الرواية» في بعض النسخ، والمعنى على تقدير الرعاية أن حفظ الرعاية يوجب حزنهم وغمهم لالفهم برواية الكتاب وانسهم بظواهره ومجرد نقله بحيث لو خطر ببالهم حفظ رعايته والتكفر فيه والعمل بمقتضاه الموجب للميل إلى ضد مأنوسهم يستوحشون منه ويحزنون لأن كل حزب بما لديهم فرحون، ومعناه على تقدير الرواية قريب مما ذكرناه أولا فإن مجرد حفظ الرواية يوجب حزنهم لما مر، وقيل: معناه أنه يهمهم حفظ الرواية ويحزنهم ما يتعلق بها من ترك الحفظ ومحوه، أو يكون على ترك المضاف وهو الترك وهذا تكلف مستغنى عنه بما ذكرناه.
(فراع يرعى حياته) أي يرعى ويحفظ حياته الأبدية وهي حياة نفسه برعاية الكتاب والتدبر فيه والعمل به وتقويم حدوده وأحكامه واتباع جميع ما فيه. ومن جملة ما فيه الاقتداء بولاة الأمر وهداة الدين في القول والعمل.
(وراع يرعى هلكته) الهلاك السقوط، وقيل: الفساد، وقيل: هو مصير الشيء إلى حيث لا يدري أين هو، والهلكة بضم الهاء وسكون اللام مثله، وضبطه بعضهم بضم الهاء وفتح اللام، أي وراع يرعى ويحفظ ما فيه هلكته الأبدية الاخروية، وهو نبذ الكتاب وتحريف حدوده وترك أحكامه والاقتصار على مجرد روايته من غير أن يتفكر فيه ويعمل به وكان من نبذة الكتاب وعدم العمل به أن ولي الذين لا يعلمون على الذين يعلمون فأوردوه على الهوى وأصدروه إلى الردى فهو مع السادة والكبراء من أهل الدنيا، وإذا تفرقت قادة الأهواء كان مع أكثرهم مالا وأعظمهم جاها، وذلك

١ - نقل العلامة المجلسي (رحمه الله) من مستطرفات السرائر عن كتاب انس العالم للصفواني عن طلحة بن زيد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «رواة الكتاب كثير ورعاته قليل، فكم من مستنصح للحديث مستغش للكتاب، والعلماء يحزنهم الدراية، والجهال يحزنهم الرواية» انتهى. والظاهر أن الروايتين واحدة وأن أصلها طلحة بن زيد، وكان من العامة إلا أن له كتابا رواه عن الصادق (عليه السلام) معتمدا عليه عندنا واختلاف الألفاظ في الروايات غير عزيز. (ش)
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست