شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
(وصاحب الفقه والعقل) أي الصنف الذي يطلب العلم لتكميل القوة النظرية والقوة العملية وتسديدهما.
(ذو كآبة وحزن وسهر) الكأبة بالتحريك والكأبة بالتسكين والكآبة بالمد سوء الحال والانكسار من شدة الهم والحزن، والحزن خلاف السرور، والسهر بالتحريك الأرق واتصافه بهذه الامور لاستشعار نفسه بالخوف والخشية من الله تعالى ومن أهوال الآخرة وعقابها وصعوبة أحوال الناس فيها، ومن سوء العاقبة وقبح الخاتمة، ولانفعالها بمشاهدة قلة الأصدقاء وكثرة الأعداء ورفع حال الأراذل ووضع حال الأفاضل إلى غير ذلك من الأسباب.
(قد تحنك في برنسه) يقال: تحنك فلان إذا أدار العمامة تحت حنكه، والحنك ما تحت الذقن، وفيه استحباب التحنك أو المعنى قد ارتاض بالعبادة وتهذب منها من حنكتك الامور بالتخفيف أو التشديد أي راضتك وهذبتك، والبرنس بالباء الموحدة المضمومة والراء المهملة الساكنة والنون المضمومة والسين المهملة. قال في النهاية: هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره. وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان يلبسها النساك في صدر الإسلام (1)، وهو من البرس بكسر الباء القطن والنون زائدة، وقيل: إنه غير عربي.
(وقام الليل) بالصلاة والذكر والتلاوة إلى غير ذلك من العبادة، والليل منصوب بنزع الخافض.
(في حندسه) الحندس بالحاء المهملة المكسورة والنون الساكنة والدال المسكورة والسين المهملتين الليل المظلم، والظلمة أيضا، والثاني هنا أنسب، والإضافة إلى ضمير الليل بتقدير اللام وقيام الليل معراج الصالحين ومنهاج الزاهدين، وفيه سرور السائرين إلى الله تعالى لتفرغ بالهم ونظام حالهم فيجدون في مناجاة ربهم سرورا ولذة لا يوازن بأحقرها الدنيا وما فيها.
(يعمل ويخشى) لأنه لما شاهد نور جلال الله بعين الحقيقة ولاحظ عظمة كبريائه بنور البصرة رأى كل شيء لديه صغيرا، وكل موجود سواه حقيرا، فيرى نفسه مقصرا وعمله مضمحلا، فيخشى من التقصير، كما قال سبحانه: (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
(وجلا) حال عن الفاعل أي يعمل ويخشى حال كونه وجلا خائفا من عدم القبول لعلمه بأن المقبول من الأعمال إنما هو العمل الصالح، ولا علم له بصلاح عمله، أو من سوء الخاتمة وانقلاب العاقبة وعدم استمرار عمله لعلمه بأن كثيرا من العباد انعكست حاله في آخر عمره، أو من خجالة

١ - تزيي أهل العلم والورع بزي خاص كان معهودا في صدر الإسلام، ولم ينه عنه الأئمة (عليهم السلام) بل قرره واستحسنه في هذه الرواية فيكون حسنا، ولأن من تزيا بلباس التقوى استحيى من حضور المعاصي ومجالسها وسبب الأمر الحسن حسن وكل حسن مندوب إليه شرعا. (ش)
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست