له القلب فإنه يشكك ويخاصم في تلك الحالة أيضا كما أنه يشكك ويخاصم في حال الاستكثار منه الذي لا يتسع القلب لاحتماله أشار (عليه السلام) إلى أن مخاصمة الشيطان لا أصل لها، ويمكن لكم رفعها بعلوم يقينية ومعارف قطعية وإن كانت قليلة بقوله:
(فإذا خاصمكم الشيطان) في اصول العقائد وفروعها.
(فاقبلوا عليه بما تعرفون، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا) إذ كيده واعتماده على أضعف شيء وأوهنه عند من له أدنى معرفة وأدون تمييز فلا تبالوا به ولا تخافوه وأقبلوا عليه بما تعرفون من العلوم المعتبرة في أصل الإيمان، فإن أدنى المعرفة يكفي لدفعه، وفيه ترغيب في محاربته وتشجيع على مقاتلته وتبشير بالغلبة عليه.
(فقلت: وما الذي نعرفه؟) حتى نخاصمه به، وفيه استقلال للمعرفة التي يقع بها التخاصم أو استفهام عنها.
(قال: خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله عز وجل) في أنفسكم وفي خلق السماوات والأرض، وما فيها من الأجرام العلوية والسفلية والمعادن الأرضية وغيرها، وفي تصديق النبي بالمعجزات والوصي بالكرامات. وهذا القدر من المعرفة التي هي كالأمر الضروري لحصوله بالمشاهدة لمن له أدنى تمييز كاف لمخاصمته ودفع كيده ومن تأمل يعلم أن هذا التعليم الذي صدر من معدن العلم النبوي حق وصدق; لأن كيد الشيطان إما متعلق بأحوال المبدأ والمعاد أو المعاش أو غير ذلك من الامور الدنيوية، وكل ذلك يمكن دفعه بالنظر إلى آثار القدرة الكاملة القاهرة على جميع الممكنات.