(هلك) لاستحقاقه العقوبة والعذاب بخروجه عن طريق العدل في الاكتساب.
(إلا أن يتوب) إلى الله تعالى بالندم على ما فعل، والعزم على عدم العود إلى مثله، فإنه تعالى يقبل التوبة عن عباده وينجيهم من الهلاك إن وقع الظلم في حقه.
(أو يراجع) من ظلمه ويرضيه إن وقع الظلم في حق الناس، ويحتمل أن يكون الترديد من الراوي، ويبعد أن يكون «أو» بمعنى الواو للتفسير، وقيل: يراجع على البناء للمفعول يعني إلا يراجعه الله بفضله وينجيه من الهلاك بدون توبته بمجرد التفضل، أو على البناء للفاعل يعني إلا أن يراجع الله ذلك المتناول من غير الحل، ويكون كثير المراجعة إليه سبحانه بالطاعات وترك أكثر الكبائر من المعاصي، فيرجع الله عليه بفضله لاستحقاقه له بكثرة المراجعة إلى الله تعالى فينجيه من الهلاك.
وأما الثاني فلأنه إن طلب العلم من أهله وعمل به لقصد التقرب من الله تعالى وطلب علو الدرجة في الآخرة فهو ناج وإن طلبه للدنيا وجعله آلة للرئاسة فيها وجمع زخارفها فهو هالك وإليهما أشار بقوله:
(ومن أخذ العلم من أهله وعمل بعلمه نجا) يعني من أخذ العلم من أهل العلم وهو النبي والوصي والتابع لهما في العلم ولو بوسائط وعمل بما يقتضيه علمه نجا من العقوبات الاخروية ومن كل ما يمنعه من التقرب من الحضرة الأحدية ويحبسه في سجن الطبيعة البشرية، فإنه حينئذ نور ساطع من ساحة القدس وضوء لامع من افق الحق ليس بينه وبين ما أعد الله للعلماء العاملين حجاب إلا هذه الحياة الفانية.
(ومن أراد به الدنيا فهي حظه) يعني من أراد بعلمه وإن أخذه من أهله طلب الدنيا وجعله وسيلة إلى جمع زخارفها بالتقرب من الجبارين والتعزز عند الظالمين وجلب النفع من الفاسقين والتفوق على العالمين فهي حظه ونصيبه وثمرة علمه وماله في الآخرة من نصيب; لأن الزارع في الدنيا للدنيا يحصد زرعه فيها لا في الآخرة، ويدل على حكم هذين القسمين قوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب).
* الأصل:
2 - الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة».