ظلموا) في المهاجرين الذين أخرجوهم أهل مكة من ديارهم وأموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم واذن لهم في القتال، فقلت: هذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم فيما نالهم؟ أو في قتال كسرى وقيصر ومن دونهما من مشركي قبائل العرب؟
فقال: لو كان إنما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكة من قبائل العرب سبيل، لأن الذين ظلموهم غيرهم وإنما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لاخراجهم إياهم من ديارهم وأموالهم بغير حق، ولو كانت الآية إنما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمن بعدهم إذ لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد، وكان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذ لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد، وليس كما ظننت ولا كما ذكرت، ولكن المهاجرين ظلموا من وجهين ظلمهم أهل مكة باخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتلوهم بإذن الله عز وجل لهم في ذلك، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم، فقد قاتلوهم بإذن الله عز وجل لهم في ذلك، وبحجة هذه الآية يقاتل مؤمنوا كل زمان، وإنما اذن الله للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عز وجل من الشرائط التي شرطها الله على المؤمنين في الايمان والجهاد، ومن كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم مأذون له في الجهاد بذلك المعنى، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين وليس بمأذون له في القتال ولا بالنهي عن المنكر والامر بالمعروف، لأنه ليس من أهل ذلك ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عز وجل ولا يكون مجاهدا من قد امر المؤمنين بجهاده وحظر الجهاد عليه ومنعه منه، ولا يكون داعيا إلى الله عز وجل من امر بدعاء مثله إلى التوبة والحق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يأمر بالمعروف