من قد أمر أن يؤمر به ولا ينهى عن المنكر من قد امر ان ينهى عنه، فمن كان قد تمت فيه شرائط الله عز وجل التي قد وصف بها أهلها من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما اذن لهم، لان حكم الله عز وجل في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء، الا من علة أو حادث يكون، والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء، والفرائض عليهم واحدة. يسئل الآخرون عن أداء الفرائض كما يسئل عنه الأولون ويحاسبون به كما يحاسبون، ومن لم يكن على صفة من اذن الله عز وجل له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه حتى يفئ بما شرط الله عليه، فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد، فليتق الله عبد ولا يغتر بالأماني التي نهى الله عز وجل عنها في هذه الأحاديث الكاذبة على الله تعالى التي يكذبها القرآن ويتبرأ منها ومن حملتها ورواتها، ولا يقدم على الله بشبهة ولا يعذر بها، فإنه ليس وراء المتعرض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها وهي غاية الأعمال في عظم قدرها، فليحكم امرؤ من نفسه وليرها كتاب الله عز وجل ويعرضها عليه، فإنه لا أحد أعلم بامرئ من نفسه، فان وجدها قائمة بما شرط الله عليها في الجهاد فليقدم على الجهاد فان علم تقصيرها فليقمها على ما فرض الله عز وجل عليها في الجهاد، ثم ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها، ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفناه من شرائط الله على المؤمنين والمجاهدين أن لا يجاهدوا، ولكنا نقول قد علمناكم ما شرط الله على أهل الجهاد الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان، فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك، وليعرضها على شرائط الله فان رأى أنه قد وفى بها وتكاملت فيه فإنه ممن اذن الله عز وجل له في الجهاد، فان أبى الا أن يكون على ما فيه من الاصرار على المعاصي والمحارم، والاقدام على الجهاد بالتخبط والعمى،
(١٣٣)