وثمة ظاهرة في مؤلفات هذا الشيخ الجليل لها قيمتها هي توريخه السماع غالبا مع ذكر المكان مما يزيد في قيمة السند والرواية.
فإنا إذا رجعنا إلى كتب المؤلف رحمه الله نجده يمتاز في أسانيده عن شيوخه الكثيرين بتحديد زمان سماعه، والمكان الذي سمع فيه غالبا وهذه الظاهرة كما أوقفتنا على منهج المؤلف دلتنا على ما أنار لنا جوانب من تاريخه أهملها مؤرخوه.
فهو لم يقتصر في أخذه عن مشايخ بلده فحسب بل رحل إلى كثير من البلدان طلبا للحديث واستزادة في العلم، وسمع الكثير من شيوخ العلم في مختلف الحواضر العلمية، وربما حدث هو في بعض تلك البلاد فسمع منه أشياخ البلد على حداثة سنة.
وقد ذكر شيوخه سماحة سيدي الوالد دام ظله فأنهى عددهم إلى أكثر من مائتي شيخ، اقتبسنا منهم العلويين خاصة، فذكرناهم في مقدمة كتابه (التوحيد) مع بسط تراجمهم فكانوا سبعة، فراجع مقدمة كتاب التوحيد ص 15 - 25.
أما البلاد التي رحل إليها فأولها الري، وقد التمسه أهلها للإقامة بينهم وزاد في إقناعه بإجابتهم ما طلبوا وجود الأمير ركن الدولة البويهي وما كان عليه من رعاية العلماء وإكرامهم والقيام بشؤونهم، ولم نعثر على تحديد تاريخ هجرته إلى الري، إلا أن في أسانيده ما يشير إلى وجوده بقم في رجب سنة 239 حيث سمع بها من الشريف أبي يعلى حمزة بن محمد الزيدي العلوي (1) كما إنا نجده يحدث عن سماعه في الري من أبي الحسن محمد بن أحمد الأسدي المعروف بابن جرادة البردعي في رجب سنة 347 (2)، وأنه لم تنقطع صلته