الطريق في منصرفي من مكة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق، فسمعته يقول: من اتقى الله يتقى ومن أطاع الله يطاع، فتلطفت الوصول إليه، فوصلت فسلمت عليه، فرد علي السلام ثم قال: يا فتح من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق ومن أسخط الخالق فقمن (2) أن يسلط الله عليه سخط المخلوق وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه و أنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحده والابصار عن الإحاطة به، جل عما وصفه الواصفون وتعالى عما ينعته الناعتون، نأى في قربه وقرب في نأيه فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد، كيف الكيف فلا يقال:
كيف؟ وأين الأين فلا يقال: أين؟ إذ هو منقطع الكيفوفية والأينونية.
4 - محمد بن أبي عبد الله رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له ذعلب (3) ذو لسان بليغ في الخطب، شجاع القلب، فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك؟ قال: ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره، فقال: يا أمير المؤمنين كيف رأيته؟ قال: ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الابصار (4) ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ويلك يا ذعلب! إن ربي لطيف اللطافة (5) لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كل شئ، لا يقال شئ قبله، وبعد كل شئ، لا يقال له بعد، شاء الأشياء لا بهمة، دراك لا بخديعة (5) في الأشياء كلها غير متمازج بها ولا بائن منها، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، ناء لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف