أين؟ فقد أخلا منه، ومن قال ما هو؟ فقد نعته ومن قال: إلى م؟ فقد غاياه، عالم إذ لا معلوم وخالق إذ لا مخلوق ورب إذ لا مربوب وكذلك يوصف ربنا وفوق ما يصفه الواصفون.
7 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر وغيره، عمن ذكره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل سماه، عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جل جلاله، قال أبو إسحاق: فقلت للحارث:
أو ما حفظتها؟ قال: قد كتبتها فأملاها علينا من كتابه: الحمد الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه، لأنه كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن، الذي لم يلد فيكون في العز مشاركا ولم يولد فيكون موروثا هالكا، ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحا ماثلا ولم تدركه الابصار فيكون بعد انتقالها حائلا (1)، الذي ليست في أوليته نهاية ولا لآخريته حد ولا غاية، الذي لم يسبقه وقت ولم يتقدمه زمان، ولا يتعاوره زيادة ولا نقصان، ولا يوصف بأين ولا بم (2) ولا مكان، الذي بطن من خفيات الأمور وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير، الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض، بل وصفته بفعاله ودلت عليه بآياته، لا تستطيع عقول المتفكرين جحده، لان من كانت السماوات والأرض فطرته وما فيهن وما بينهن وهو الصانع لهن، فلا مدفع لقدرته، الذي نأى من الخلق فلا شئ كمثله، الذي خلق خلقه لعبادته وأقدرهم على طاعته، بما جعل فيهم وقطع عذرهم بالحجج، فعن بينة هلك من هلك وبمنه نجا من نجا ولله الفضل مبدءا ومعيدا، ثم إن الله وله الحمد افتتح الحمد لنفسه وختم أمر الدنيا ومحل الآخرة (3) بالحمد لنفسه، فقال: وقضى بينهم بالحق، وقيل: الحمد لله رب العالمين.