قال لهم: نعم.
قالوا: إنا نجد في التوراة أن الله تبارك وتعالى آتى إبراهيم عليه السلام وولده الكتاب والحكم والنبوة، وجعل لهم الملك والإمامة، وهكذا وجدنا ذرية الأنبياء لا تتعداهم النبوة والخلافة والوصية، فما بالكم قد تعداكم ذلك وثبت في غيركم ونلقاكم مستضعفين مقهورين لا ترقب فيكم ذمة نبيكم؟!
فدمعت عينا أبي عبد الله عليه السلام، ثم قال: نعم لم تزل امناء (1) الله مضطهدة مقهورة مقتولة بغير حق، والظلمة غالبة، وقليل من عباد الله الشكور.
قالوا: فإن الأنبياء وأولادهم علموا من غير تعليم، وأوتوا العلم تلقينا، وكذلك ينبغي لأئمتهم وخلفائهم وأوصيائهم، فهل أوتيتم ذلك؟
فقال أبو عبد الله عليه السلام: ادن يا موسى. فدنوت فمسح يده على صدري ثم قال: اللهم أيده بنصرك، بحق محمد وآله. ثم قال: سلوه عما بدا لكم.
قالوا: وكيف نسأل طفلا لا يفقه؟
قلت: سلوني تفقها ودعوا العنت.
قالوا: أخبرنا عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران.
قلت: العصا، وإخراجه يده من جيبه بيضاء، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ورفع الطور، والمن والسلوى آية واحدة، وفلق البحر.
قالوا: صدقت، فما أعطي نبيكم من الآيات اللاتي نفت الشك عن قلوب من ارسل إليه.
قلت: آيات كثيرة، أعدها إن شاء الله، فاسمعوا وعوا وافقهوا.
أما أول ذلك: أنتم تقرون أن الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعثه، فمنعت في أوان رسالته بالرجوم وانقضاض النجوم، وبطلان الكهنة والسحرة.