فافترقا وأما مبارزة أبي قتادة فغير لازمة فإنها كانت بعد التحام الحرب رأى رجلا يريد أن يقتل مسلما فضربه أبو قتادة فالتفت إلى أبي قتادة فضمه ضمة كاد يقتله وليس هذا هو المبارزة المختلف فيها بل المبارزة المختلف فيها ان يبرز رجل بين الصفين قبل التحام الحرب يدعو إلى المبارزة فهذا هو الذي يتعين له اذن الإمام لأن أعين الطائفتين تمتد إليهما وقلوب الفريقين تتعلق بهما بخلاف غير ذلك.
(مسألة) (فإن دعى كافر إلى البراز استحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة أن يبارزه باذن الأمير).
المبارزة تنقسم ثلاثة أقسام مستحبة ومباحة ومكروهة (فالمستحبة) إذا خرج كافر يطلب البراز فيستحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة أن يبارزه باذن الأمير، لأن فيه ردا عن المسلمين وإظهارا لقوتهم (والمباحة) أن يبتدئ الرجل الشجاع فيطلبها فتباح ولا تستحب لأنه لا حاجة إليها ولا يؤمن ان يغلب فيكسر قلوب المسلمين الا أنه لما كان شجاعا واثقا من نفسه أبيحت له لأنه بحكم الظاهر غالب، (والمكروهة) أن يبرز الضعيف البنية الذي لا يثق من نفسه فتكره له المبارزة لما فيه من كسر قلوب المسلمين بقتله ظاهرا.
(مسألة) (فإن شرط الكافر ان لا يقاتله غير الخارج إليه فله شرطه) إذا خرج كافر يطلب البراز فشرط ان لا يعين الذي يبارزه غيره فله شرطه لقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (المؤمنون عند شروطهم) ويجوز رميه وقتله قبل المبارزة لأنه كافر لا عهد له ولا أمان فأبيح قتله كغيره الا أن تكون العادة جارية بينهم أن من خرج يطلب المبارزة لا يعرض له فيجري ذلك مجرى الشرط.